لا شك أن المشاكل والأزمات السياسية واردة بقوة في أي عصر وأي مكان، وفي حال ظلت تلك القضايا في حيز «السياسي» فقط ولم تخرج من عباءته سيكون الحل حاضراً عبر مجموعة من الخيارات السياسية لا غير؛ حتى وإن طال أمده.عندما تكون المشكلة اقتصادية سيكون حلها اقتصادياً أيضاً، وحين تكون الأزمة مجتمعية سيكون الحل مجتمعياً كذلك، وفي حالات قليلة تتداخل بعض الأزمات حينها يتطلب الحل أن يكون مزيجاً من الحلول.لكن أن تضاف عناصر في غاية الخطورة إلى الأزمات والقضايا التي يعاني منها أي مجتمع من المجتمعات البشرية في عصرنا الراهن، سيكون الحل بعيداً عن الواقع، إن لم يكن مفجراً لقضايا وأزمات أخطر مما هي عليه الآن.إن من أبشع وأخطر وأعنف التداخلات التي تطرأ على الواقع السياسي في أية دولة من دول العالم، هو إقحام الأزمات الطائفية والإثنية والعرقية في صلبه مباشرة، مما يؤدي إلى تناثر الأشلاء وسيل الدماء وتحكيم الجنون في مشهد مأساوي سيتصدر واجهة الحل، إن كان هناك حل عبر الطائفية أصلاً.من يرد أن يبتعد عن الحل السياسي في حال كون المشكل سياسياً خالصاً سيختار الطائفية وأخواتها بديلاً عن كل حلٍّ واقعي يمكن أن ينتج توافقاً يرضي جميع أطراف النزاع السياسي، وبذلك فهو سيشتت كل الحلول ويقطِّع أوصالها، وقبل ذلك سيقطِّع أجساد مناوئيه عبر حزمة من المشاريع الطائفية والأحزمة الناسفة.من يصر من السياسيين أن يقحم الطائفية في المشهد السياسي، فإنه يعلم تمام العلم مدى خطورة هذا الأمر، حيث لا يمكن أن نحسن الظن أبداً برجل سياسي يختار الطائفية حلاً لأزمة سياسية، فيكون حاله كالطبيب الذي يعالج مرضاه في ورشة تصليح السيارات، بينما يعلم علم اليقين ألا حل من شفاء الأمراض سوى أسرَّة المشافي وتناول الأدوية المناسبة.حين نفلسف ونحاول أن نوضح للقارئ الكريم مدى خطورة إقحام الطائفية في السياسة وحتى في غيرها من أمور الحياة، ربما نقوم ببعض التشويش الفكري على أحد أبرز البديهيات عبر التاريخ، لأن الجميع يعلم مدى خطورة التشظيات التي يمكن أن ينتجه الواقع الطائفي في مجتمع آمن ومسالم.نحن في البحرين، كما هو الحال في كل دول العالم، نطالب كل الفرقاء السياسيين أن ينجوا بأنفسهم من تبني كل مشروع طائفي بنكهة سياسية، فهو بالإضافة في كونه لا ينتج حلاً سياسياً مدى الحياة، سيظل بؤرة للتوترات المقلقة، تلك التي تنتج التوابيت والقرابين وكل أشكال الحزازيات الإنسانية في مشهد تراجيدي يدمي القلوب وتمجه الضمائر، وسيسجلهم التاريخ جناة من طراز وضيع، كما سيظلون وصمة عار على جبين من رأوا في دماء الأبرياء منهجاً للباطل في ثوب حق، أما يوم القيامة فسل عنهم سقر.