في شهر فبراير الماضي أنهى مجلس النواب جدالاً استمر أكثر من عامين ناقش فيه موضوع دعم طيران الخليج أو عدم تقديم دعم لها، ومع أن الدعم البالغ 185 مليون دينار حصلت عليه الشركة بموجب مرسوم ملكي أثناء عطلة المجلس الصيفية، وأصبح بيدها أن تتصرف به كما ترى، فإن المجلس واصل نقاش الدعم بعد ذلك.وبالتالي فإن جلسة الموافقة على الدعم والتي عقدت في شهر فبراير وانتهت بموافقة 17 مقابل معارضة 15 لم تكن ذات أهمية عملية، وإنه حتى لو كان النواب الرافضون هم 17 فإن المبلغ 185 مليون دينار تم صرفها وليس هناك أمل بأن تعود إلى خزينة الدولة مرة أخرى. المهم في تلك الجلسة هو الجدل حول أهمية الإبقاء على طيران الخليج أو التخلص منها في ظل مسلسل خسائرها المستمرة والتي جعلت الدولة تقترض مئات الملايين من الدنانير وتدفعها لهذه الشركة من أجل الإيفاء ببعض التزاماتها تجاه الآخرين، ودفع رواتب موظفيها وتمويل عملياتها التشغيلية.وبخلاصة الجدل تبين أنه لا النواب ولا الحكومة ممثلة بعدد من الوزراء يريدون تصفية طيران الخليج، وأن الجهتين تنفقان على الإبقاء عليها مع إعادة هيكلتها وبحرنتها بضخ المزيد من البحرينيين في صفوفها، والعمل على تقليل خسائرها بالتدريج وقدر الإمكان. وفي هذا الصدد كانت مداخلة وزير المواصلات الوزير المعني بشركة طيران الخليج كمال بن أحمد هي الأكثر أهمية فقد أكد أن إعادة الهيكلة سوف تجعل وضع الشركة المستقبلي أكثر انضباطاً، وأكثر مراقبة، مشيراً بصورة غير مباشرة إلى التلاعب بالمال العام بالنسبة للإدارات ومجالس الإدارة السابقة، كما أشار الوزير إلى خسائر الشركة قائلاً إنها كانت قبل خمس سنوات 200 مليون والآن أصبحت 89.5 مليون دينار فقط ومن المتوقع أن تنخفض إلى 70-74 مليون دينار. الوزير وضع يده على الجرح الذي تعاني منه طيران الخليج منذ سنوات طويلة عندما أعلن عن التوجه لإنشاء شركة قابضة قريباً تشمل شركة طيران الخليج وشركة مطار البحرين، وشركة تدريب الطيران، وذلك بهدف زيادة دخل الناقلة الوطنية ولو قليلاً. وأقول وضع الوزير يده على الجرح لأن مثل هذا القرار هو القرار الصائب والمنقذ والذي كان على الحكومة أن تتخذه منذ سنوات طويلة، أو على الأقل منذ اليوم الذي أصبحت فيه طيران الخليج شركة بحرينية 100%. فالمعروف أن شركات الطيران الوطنية لا ينتظر منها أن تحقق ربحاً مباشراً من خلال عملياتها منفردة، وإنما تتمكن من الانتقال من الخسارة إلى الربحية عندما تنضم إلى منظومة متكاملة من الشركات التي تعمل في نفس مجال الطيران وخدماته التموينية واللوجستية، كما أشار الوزير كمال بن أحمد إلى إنشاء الشركة القابضة. ففي حالة البحرين فإن طيران الخليج هي الأساس وهي المحرك الرئيس، وهي المورد للأعمال والمحقق للأرباح لكل الشركات العاملة في مطار البحرين بما فيها المطار والشركة التي تديره من تلك البناية الخاصة والمستأجرة خارجه! وإنه لولا طيران الخليج لما عملت تلك الشركات ولما حققت أرباحاً. وبالتالي فوجود طيران الخليج كناقلة وطنية للبحرين له عوائد مادية أكبر بكثير من خسائرها الناجمة من عملياتها المباشرة والتي تمتد إلى خارج المطار والسوق المحلية وتوظيف البحرينيين والتحكم في المحطات ووجهات السفر وغيرها من الفوائد والعوائد.غير أن هذا لا يعني تقبل الوضع على اعتبار أن طيران الخليج كشركة وطنية لابد أن تخسر، وإنما يجب البحث عن السبل التي من خلالها يتم تغطية هذه الخسائر أو تعويضها، وأن ما أعلنه الوزير عن إنشاء الشركة القابضة هو السبيل لذلك، فالشركات الأخرى الزميلة لطيران الخليج في الشركة القابضة كلها تربح وكل أرباحها أو معظمها تأتي من طيران الخليج، والعمل المشترك والمتكامل بين الشركات الأعضاء في الشركة القابضة يغلب الأرباح على الخسائر، وبالتالي يعوض طيران الخليج عن خسائرها ولو بالتدريج. غير أن الوزير وإن أصاب من حيث المبدأ فهو لم يصب عندما ذكر أن الشركة القابضة ستضم إلى جانب طيران الخليج شركة مطار البحرين وشركة تدريب الطيران فقط، وأنها لن تشمل شركات الخدمات المكملة مثل شركة خدمات مطار البحرين (باس) وشركة البحرين للسوق الحرة كونهما شركتين غير حكوميتين. والصحيح أن نجاح الشركة القابضة المذكورة وتحقيقها الأرباح المغطية لخسائر طيران الخليج لن يتحقق إلا بدخول شركة باس بالدرجة الأولى باعتبارها الشركة المسؤولة عن معظم خدمات مطار البحرين والمتحكمة مع شركة مطار البحرين في أسعار تلك الخدمات، إضافة إلى السوق الحرة وشركة بافكو المزودة لوقود الطائرات. وبإمكان الحكومة أن تجد طريقة لإدخال هذه الشركات بنسب معينة ومتدرجة في الشركة القابضة، فهذا هو الطريق الصحيح والحل المنقذ لطيران الخليج والذي طبقته دبي ونقلت به طيران الإمارات من الخسائر إلى باب الربحية.