كانت للبحرين تجربة فريدة من نوعها عندما قررت تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في أحداث 2011، وهي اللجنة التي باتت إضافة نوعية من البحرين للقانون الدولي ومجالات حقوق الإنسان، لأنها شكلت برغبة وإرادة وطنية خالصة من أجل الوقوف على تلك الأحداث، وتحديد المسؤوليات، والنتائج التي ترتبت عليها، واقتراح التوصيات لمعالجة التداعيات لاحقاً، وهي التوصيات التي أكدت الحكومة التزامها بتنفيذها.بالمقابل نجد حكومات كثيرة تشكل لجان تحقيق في قضايا متعددة، فبعض الحكومات تشكل لجان للتحقيق في الكوارث، وبعضها تشكل لجان للتحقيق في الأعمال الإرهابية التي تواجهها، وخيارات أخرى أن يتم تشكيل لجان للتعرف على بعض التنظيمات وطبيعة أدوارها، وأنشطتها المختلفة، كما هو الحال بالنسبة للحكومة البريطانية التي قررت مؤخراً تشكيل لجنة للتحقيق في أنشطة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين برئاسة سفير لندن لدى الرياض. بحرينياً فإننا نفتقد مثل هذه اللجان رغم الظروف التي مرّت على البلاد مع استمرار الأعمال الإرهابية، ومواجهة الحكومة والمجتمع المحلي لمثل هذه الظروف، فإنه لم يتم حتى الآن تشكيل لجنة متخصصة للنظر في الأعمال الإرهابية، بحيث تحدد ما هو الإرهاب، ومن هي المنظمات والشخصيات التي تقف وراءه، وتحديد شبكة الارتباطات المحلية والخارجية. ولذلك نجد التباين في المسميات عندما يتم الإعلان عن عمل إرهابي، فبعض المؤسسات تصفها بأنها «أعمال إرهابية»، وجهات أخرى تسميها «أعمال تخريبية»، وبين مصطلحات ثلاثة (الخارجون عن القانون، والإرهابيون، والمخربون) يضيع الرأي العام في هذه المصطلحات دون تعرف للفرق بينها، ودون تعريف لما يمكن أن يطبق عليه قانون الإرهاب من عدمه. وفي السياق نفسه، فإن الوطني عندما عقد جلسته التاريخية خلال الصيف الفائت، وأقر نحو 22 توصية لاجتثاث الإرهاب لم يشكل لجنة خاصة لمتابعة تنفيذ التوصيات الهامة التي اقترحها، ومازال الرأي العام يتابع المستجدات بهذا الشأن دون أدنى إجابة. من الأجدى لأعضاء السلطة التشريعية وهم في نهاية الفصل التشريعي أن يحسموا مثل هذه المسائل العالقة، ويصدرواً تقريراً خاصاً بالإرهاب، وتقييماً عاماً لتوصياتهم المتعلقة باجتثاث الإرهاب بدلاً من الانشغال بقضايا هامشية في لجان تحقيق غير مجدية، واستجوابات غير جادة حتى يتم تعريف غير المعرّف وتحسم هذه المسائل، ويكون الفصل التشريعي الرابع استكمالاً لجهود أعضاء السلطة التشريعية الحاليين بدلاً من أن تضيع التوصيات وتكون مجهولة المسار. المسؤولية ملقاة على عاتق النواب الذين لم يتابعوا مثل هذه التوصيات مع الحكومة، ولم يبقَ على الفصل التشريعي سوى أسابيع محدودة.