أما الذين صرخوا فرحين فهم أولئك «الصغار» الموكلة إليهم مهمة اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات وبث الرعب في قلوب الناس من مستخدمي الطريق والذين تكون سياراتهم في الغالب عامرة بالأطفال وكبار السن و«الحرائر»، حيث يقفون بعد كل «عملية ثورية» من هذه العمليات المتخلفة أمام النار رافعين شارات النصر فرحين ومعتبرين أنهم لامسوا النجاح وحققوا انتصاراً لا مثيل له ومستبشرين «بالجنة التي وعد المتقون».وأما «المنصمون» فهم المواطنون والمقيمون الذين تعطلت حياتهم ومصالحهم وانتظروا بسياراتهم وهم يستنشقون الروائح المؤذية التي تنبعث من الإطارات المشتعلة ريثما يتم تحرير الشارع من ربقة «أبطال الميادين» الذين نفذوا العملية بعد «التوكل على الله».. كما يحبون أن يذكروا في مقدمة بياناتهم وتغريداتهم، ذلك أنهم يعتبرون هذا العمل جهاداً في سبيل الله!مقابل هذا الفعل المتخلف الذي يعبر عن عقول فارغة وحالة من المراهقة لم تمر على علماء النفس عبر التاريخ يصرخ «أرباب المعارضة» في مؤتمراتهم الصحافية قائلين «إنهم ضد ممارسة كافة أشكال العنف وألوانه وإن على الحكومة ألا تتعامل مع ما يجري إلا بالحلول السياسية»، ويفرغون جام غضبهم على الجميع باستثناء أولئك الذين ينفذون تلك العمليات من «أبطال الميادين»! ومقابل هذا الفعل وذاك ينبري من ينتقد لقاء وزير داخلية الإمارات الشقيقة الذي زار البحرين أخيراً برجال الأمن الإماراتيين من قوات درع الجزيرة «أمواج الخليج» بسبب ارتدائهم زي الشرطة البحرينية، غاضين الطرف عن تلك «القوات» التي صارت متواجدة في كل مكان وتتنقل من دون الزي الرسمي وتقدم الكثير من الخدمات والخبرات التي يفتقدها أولئك «الأبطال» . تواجد أفراد من القوات الخليجية في البحرين للمشاركة في تخليصها من بعض السوء الذي يراد لها وإفشال ما يحاك ضدها ليس عيباً وليس سراً، وكذلك تواجد منتمين لقوات عربية تحت أي مسمى وأي مبرر، فمن حق البحرين أن تستثمر علاقاتها والاتفاقات لتحقيق الأمن والأمان لشعبها الذي عانى لثلاث سنوات بسبب تفكير أهوج اعترى عقولاً صغيرة لم تقدر عاقبة الأمور ورفعت شعارات فارغة أدخلت البلاد في نفق ضيق لم يعد ممكناً الخروج منه طالما أن التفكير نفسه لم يتغير. ما يقوم به أولئك الذين يفرحون لأذى الناس لابد أن يواجه بقوة، ولابد للحكومة من أن تتحمل مسؤولياتها فتضرب بقوة على يد كل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الممارسات البعيدة عن الأخلاق والتي لا يتضرر منها إلا مستخدمو الطريق التي اعتبر الدين الإسلامي إماطة الأذى عنها واجباً يؤجر المؤمن عليه.من حق المواطن والمقيم أن ينعم بالأمن والأمان، والواجب على الحكومة أن توفر له هذا الأمر وإلا فإنها تكون قد أخلت بالاتفاق المبرم بينها وبينه، ومن حق الدولة أن تستعين بمن تجد فيه القوة التي يمكنها الانتصار به على المسيئين، ذلك أن هؤلاء لم يعودوا مجرد مواطنين يطالبون بحقوق ويسعون إلى الإصلاح وإنما تجاوزوا كل الخطوط وتحولوا إلى مخربين وإرهابيين يتخذون من العنف سبيلاً إلى تحقيق مآربهم التي لم تعد خافية، وإلا كيف لمن يطالب بحقوقه أن يسمح لنفسه بالتعدي على حقوق الآخرين وسلبهم استقرارهم وتعريض حياتهم للخطر؟ ليست الحكومة التي «تنصم» من الأفعال الناقصة التي ينفذها أولئك الذين رفعوا «راية الحرية» وكتموا أنفاس الناس ولكن المواطنين والمقيمين هم الذين «ينصمون» من تلك الأفعال ويعانون من تلك التصرفات التي لم تكن ذات يوم عنواناً لثائرين أو مطالبين بحقوق. الحكومة دونما شك تنزعج من تلك العمليات التي يصرخ بعد تنفيذها «أبطال الميادين» فرحين، لكن الذين «ينصمون» هم الأبرياء الذين يرفعون شعار الدفاع عن حقوقهم.