إنها السنة الحادية عشرة لذكرى الاحتلال الأمريكي للعراق، يقال إن القوات الأمريكية قد أتمت انسحابها من العراق فأصبح بذلك مستقلاً!!، من يدري.. ولكن الذي لا ينكره أحد أن العراق العظيم قد سقط وجر العالم العربي خلفه إلى هاوية لا يعرف أين سينتهي قرارها.الألفية الثانية لم تكن «أليفة» مع العرب، إنها الألفية التي فتحت شهية المخططات الخارجية لاستكمال تقسيم الوطن العربي طائفياً احتذاءً بالنموذج العراقي. نعم؛ لقد أصبحت العراق نموذجاً يضاف إلى النماذج العربية الفاشلة مثل نموذج اللبننة والصوملة، بعد أن كانت نموذجاً للتعليم والتصنيع والحداثة.يصعب اليوم علينا ونحن أمام النتيجة الكارثية لسقوط العراق أن نوصف ما عليه حال العراق!!، الهدف يوم استبسل العالم أمام العراق العربي وحشد ما حشد من قواته ورجاله وسلاحه أن يعثر على عبوة من السلاح النووي وأن يسقط طاغية العصر «صدام حسين»، وأن يؤسس لديمقراطية العصر التي نظرت لها «كونداليزا رايس»، والنتيجة التي حصدتها الديمقراطية سقوط الدولة وخروجها عن السيطرة والضبط، واختطاف عملاء إيران «الشيعة» لها، وها هي «داعش» السنية تنبري للدفاع عن حقوق السنة الذين ظلموا كالكرام على مائدة اللئام. من يقتل من في العراق وسط هذا الهرج والمرج؟ ومن يدافع عن من؟ ودماء من تحديداً المستهدفة؟ لا أحد يستطيع الإجابة عن السؤال.تجاهل كامل من الدول العربية لحال العراق. واستغناء كامل عن العراق قدمه العرب على طبق من الذهب الخالص لإيران!!، ثم يخرج الجميع فزعاً من إيران ومخططاتها ونفوذها في العراق وغيره من الدول العربية. ووسط هذا الركام لم يكن ينقصنا إلا أن يخرج علينا سعادة نائب رئيس الجمهورية العراقية الدكتور طارق الهاشمي يغالب دموعه أمام شاشات التلفاز بسبب سحب صلاحياته الرئاسية وسحب أفراد الحماية عنه وعن أسرته في المنطقة الخضراء. ثم يهتف بنا من مفرِّه في قطر تارة ومن مستقره في تركيا تارة أخرى بحقوق السنة ليتقمص دور الزعيم السني الذي يواجه إيران بكل بسالة ويتحدى نظام المالكي بكل شجاعة. ونسي الهاشمي أننا لم ننس أنه وحزبه من أعطى الشرعية للعملية السياسية القائمة على المحاصصة حين شق عصا إجماع سنة العراق برفض التقسيم المذهبي والعرقي للعراق. نسي الهاشمي أننا لم ننس أنه وضع يده في يد المالكي والجعفري قبله، وأنه زار إيران عدة مرات وزار النجف والسيستاني والصدر. وأنه في زياراته لم يطرح قضية تصفية البصرة من السنة، ولم يرفع صوته ضد ميليشيا جيش المهدي التي لبست الأكفان وبدل التوجه للأمريكان اتجهت نحو شركاء الوطن من السنة.ربما يكون الصمت الذي غرق فيه الجميع أبلغ تعبير عن حالة الحزن واليأس التي نعيشها تجاه نكبة العراق. وحين تحل الذكرى السنوية لسقوط العراق لا نملك إلا أن تبحث عن حائط بغدادي وتسند رأسك إليه باكياً على ما مضى خائفاً مما هو آت.