محبو مسلسلات الدراما والإثارة الأمريكية يتذكرون قطعاً المسلسل الشهير الذي استقطب اهتمام ومتابعة الملايين حول العالم. أعني هنا مسلسل «بريزون بريك» الذي أنتجته شركة «فوكس نيوز» وعرضت أول مواسمه ابتداء من عام 2005.المسلسل بطله أخوأن «مايكل سكوفيلد» وشقيقه «لينكون بوروز»، والأخير اتهم ظلماً بقتل شقيق نائبة الرئيس الأمريكي وحكم عليه بالإعدام. الشقيق الأصغر مايكل -وهو مهندس معماري- يرتكب جريمة ليدخل السجن ويقوم بتهريب شقيقه عبر دراسة المخططات الهندسية للسجن وقيامه برسمها بالوشم على جسده.وعلى ذكر الهروب من السجون، نتذكر أيضاً الساحر ديفيد كوبرفيلد الشهير باستعراضات هروبه من الأماكن المقفلة والمحصنة وأشهرها هروبه من سجن «سينج سينج» الأمريكي المعروف بصرامة الحراسة فيه.تذكرت المسلسل وكوبرفيلد وأنا أتابع الأخبار الرسمية وما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن هروب أحد المساجين المحكومين من سجن جو أمس.لربما يكون الحدث أصبح عادياً خاصة مع تكرار حوادث الهروب، سواء من مراكز التأهيل (السجون) أو خلال عملية نقل المحكومين، ولعلكم تذكرون قبل عامين أو أقل هروب مجموعة من سجن الحوض الجاف وتم العثور عليهم مختفين فوق سطح أحد المنازل في الحد!لكن الغريب في المسألة أنها ليست المرة الأولى التي يهرب فيها المحكوم المعني، إذ حسبما نشرته بعض المواقع فإنها المرة الثالثة وأنه سبق له الهروب من نفس السجن قبل عام بالضبط!سجون ويتم الهرب منها بهذه السهولة؟! المسألة غريبة وتفرض عديداً من التساؤلات، وتقود لعديد من الافتراضات أيضاً، على رأسها التساؤل عن مستوى الحراسة والصرامة في ذلك! وهنا رأينا صوراً قبل فترة انتشرت لعدد من المحكومين في قضية محاولة الانقلاب وكيف أن زنزانتهم أشبه ما تكون بغرفة فندقية فيها كل شيء. وبهذه المناسبة تذكرت هنا خبراً نشر في صحافتنا الرياضية قبل سنوات يفيد بتوفير اشتراك باقة قناة الجزيرة الرياضية للمساجين حتى لا تفوتهم مباريات كرة القدم!وبغض النظر عما انتشر بشأن عملية الهرب، وفرضيات أنها تمت بتعاون مؤسف من الداخل، أو عبر نجاح الهارب في عمليته بنفسه، إلا أن السؤال المهم هنا هو؛ كيف هرب؟ وهل سجون البحرين سهل الهرب منها بهذا الشكل؟!لو تتم متابعة ما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي يتضح بأن عناصر من الانقلابيين في لندن بدأت بالتهليل والتلميح إلى احتمالية وجود الهارب معهم قريباً في عاصمة الضباب. وهذا يعيد للأذهان عملية هروب صاحب موقع منتدى البحرين من البلاد عبر البحر ووصوله إلى لندن وحصوله على اللجوء. وفي تلك الحادثة كانت المفارقة أنه كيف تستقبل دولة -يفترض أنها صديقة وترتبط بالبحرين باتفاقيات أمنية- هارب من العدالة ومحكوم عليه دون أن يرجعه الإنتربول لدولته التي تطلبه للعدالة؟! بل ويستضاف في برنامج في هيئة الإذاعة البريطانية المدعومة من وزارة الخارجية البريطانية؟! حينها تركنا الإجابة للمعنيين بالعلاقات الدبلوماسية البحرينية البريطانية، وطبعاً لم يوجد أي رد، بل توالٍ للأخبار التي تتحدث بـ «وردية» عن وشائج التعاون وعلاقات الصداقة الوطيدة مع بريطانيا العظمى.الفرضية الأخرى المنتشرة بأن هذا الشخص وبناء على ارتباطاته السابقة وتدربه على السلاح خارج البحرين قد يكون ممن يساهمون في تأجيج وتيرة الإرهاب والاعتداءات في داخل البحرين وذلك إن لم ينجح في الهروب عبر البحر، وطبعاً المنافذ بحد ذاتها قصة طويلة.لن نتحدث في الأبعاد السياسية للموضوع هنا وعلاقة الشخص المعني بالأحداث الإرهابية في البحرين ومحاولة الانقلاب. فقط نسأل من منطلق حقوق المواطنين المدنية، إذ مثل هذه الأمور أليست مؤثرة بشكل كبير على المجتمع؟! أليست فيها اهتزاز لثقة الناس في الجهات المعنية بتطبيق القانون وحماية الناس؟! ورغم تقديرنا الشديد للجهات الأمنية على جهودها؛ إلا أن خطأ مثل هذا لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وطبعاً الإجراءات الفورية المتخذة من وزير الداخلية حتمية ولازمة، لكن في جانب آخر حماية المجتمع هي أولوية قصوى تستوجب تشديد الإجراءات والقبض على الهاربين ومحاسبة أي متواطئين من الداخل، وإلا فلن نستغرب يوماً إن سمعنا بأن سجناء بالجملة هربوا وبدؤوا ينتشرون في المناطق.ما حصل أمس «بريزون بريك» بنسخة بحرينية، بغض النظر عن الأسلوب والطريقة والزمان والمكان.