والله الناس يريدون أن تخفف الانتقادات وحملات الاستياء تجاه النواب الذين خذلهم أغلبهم، لكن المشكلة أن كثيراً من النواب باتوا يتصرفون بطريقة وكأنهم يتعمدون «استفزاز» الناس، وبعضهم تحول لحكومي أكثر من ممثلي الحكومة، بل بعضهم للأسف يتصرف بشأن بعض الوزراء وكأنه «فداوي» لهم.ما حصل بشأن ورقة استجواب وزير المالية، مسألة لا تبعث إلا على الضحك، وقيل إن «شر البلية ما يضحك». وفعلاً ما حصل «شر بلية» ولا يلام النائب أحمد قراطة حينما قال إنها «تصرفات طفولية»، ونحن نقول يا سعادة الناس حتى الأطفال تكبر وتتخلى عن «لعب البروي» وغيرها من الألعاب، إلا بعض النواب الذين «كبروا» بفضل الله ثم بفضل تصويت الناس لهم مازالوا يحبون «اللعب» بأعصاب الناس.والله المسألة تبعث على الضحك وتدفع لمزيد من الانتقاص بحق مجلس النواب، وللأسف، الشر يعم.. وبات يشمل الكل أمام الناس، فحتى من يجاهد ويعمل بإخلاص من أجل أن يكون عند كلمته التي أعطاها الناس صورته باتت «تحترق» بسبب تصرفات بعض النواب وبالأخص من ترونهم «وقت الضحى» جالسين في مكاتب بعض الوزراء، الشاي رايح والقهوة ياية ويا دار ما دخلك شر ويا معالي أو سعادة الوزير لا تحاتي ولا تتوتر.بهذا الأسلوب المعوج والله يحق للناس رشق كل نائب متخاذل بأي شيء. والله أعرف أشخاصاً من كثرة خذلان نوابهم يحلفون بأنهم لو رأوا نائبهم لصنعوا على وجهه «بيض وطماط»، ولا أحد يزعل من هذا الكلام، حرية رأي وتعبير، ومن خذل من صوتوا له لا يجب أن يتضايق إن تفاجأ بصناعة «شكشوكة» على وجهه!نعود لقصة ورقة استجواب الوزير، والتي يبدو أنها بحاجة للجنة بسيوني حتى تبت فيها!يقول النائب قراطة إنه جمع تواقيع 18 نائباً على طلب الاستجواب، وطبعاً المبررات كثيرة، رفع سعر الديزل، العجز الاكتواري، رفض زيادة الرواتب، طيران الخليج، هيئة التأمينات، الهدر الضخم الموثق في تقرير ديوان الرقابة ... الخ، وبالتالي الاستجواب هو أداة دستورية للنواب.. من حقهم، ولأجل تحقيقه يتطلب تقدم خمسة نواب بالطلب، لكن النائب قراطة نجح في الحصول على موافقة 18 نائباً والعدد –في رأيي- ليس مقبولاً بالنظر للأمور المقترحة كمحاور استجواب، إذ فقط العجز الاكتواري وقبله الديزل يستدعي موافقة 40 نائباً على الاستجواب، إذ ما الذي يمنعهم من ذلك طالما أنه مطلب يتفق عليه حتى الناس؟!عموماً، حصل قراطة على موافقة 18 نائباً، وضع الورقة على طاولته وذهب لدورة المياه (حسب ما نشرت الصحافة على لسانه)، وحينما عاد «اختفت الورقة»، وأن عدد الموافقين على الاستجواب تقلص من 18 إلى 9 نواب! سبحان الله النصف فقط خلال ترك النائب طاولته لدقائق! وبحسب ما قاله النائب إن هناك نواباً قاموا «بتهديد» بعض النواب بشأن الاستجواب وإن أحدهم ذهب للوزير ليبارك له! والله، لا أملك أن أقول سوى «عيب عليهم»، هكذا عيني عينك في مجلس النواب، تصرفات طفولية بسرقة الورقة وإخفائها، ومن ثم «بلطجة» بتهديد النواب لبعضهم البعض، وآخرتها مباركة للوزير، يا «راجل» يا «نائب» يا «ممثل للشعب»، عيب عليك، وين راحت الشوارب؟! وين راحت الوعود للناس؟!وقت الانتخابات ومن زحمة الشعارات تظن أن هذا المجلس لن يكون مجلس «نواب»، بل مجلس «أنياب» ستعمل على نهش كل استهتار وكل الأخطاء وسترفع رأس الناس وتغلب مطالبهم، لكن يبدو أن هذه الأنياب تعرضت لعملية «ماني كيور، وبدي كيور» على أعلى مستوى.طيب، ورغم الخيبة المضحكة بضياع الورقة، خمسة نواب ممن يخافون الله في الناس ليقدموا الاستجواب مرة أخرى وليمضوا فيه وليعلن كل نائب موقفه صراحة بخصوص هذه المسألة، بسنا خيبات وتحويل هذا المجلس لمادة تندر بين الناس، ولا تلوموهم يا سعادة النواب، فـ«من جعل نفسه سبوس ...»، وهنا نكرم الشعب البحريني الذي منحكم الثقة ومازال ينتظر منكم غير خيبات الأمل والخذلان.ختاماً، العبرة في القصة كلها، بأنه على كل نائب يريد أن يترك طاولته لأي شيء، دورة مياه، رد على مكالمة هاتفية، بيشم هواء، رجاء أخذ الورقة معاك، ولا توهق روحك وتوهق المجلس معاك. حتى «البوق» وصل لأوراق استجواب وداخل المجلس الذي يفترض به أن يحارب من يسرق المال العام ويستهتر به .. والله حالتكم حالة!