أبداً لسنا ضد محاسبة أي مسؤول، بل على العكس نطالب بوقف الأخطاء وتصحيحها، ولأجل ذلك ندعم المجلس التشريعي بقوة في شأن استخدام أدواته الدستورية المعنية بالرقابة والمساءلة والمحاسبة وصولاً لطرح الثقة، لكن الفارق في المسألة أن تتم بطريقة «الضحك على الناس»، فهذا غير مقبول ومرفوض تماماً.دعونا نوضح، إذ التجربة أثبتت بأن البعض يستعصي عليه الفهم خاصة أولئك الذين لا يريدون لمواقفهم أن تناقش، ويعتبرون ما يقولونه وما يفعلونه الصح بعينه والذي لا يقبل الجدل.فقط نريد جواباً من النواب، وجواباً واضحاً. الآن نحن في منتصف شهر مارس، وتبقى على عمر المجلس أقل من شهرين، يعني كلها «كم جلسة»، ونحن مقبلون بعدها على انتخابات لفصل تشريعي جديد عادة يواكبها تغيير وزاري، بالتالي السؤال هنا: ماذا يفيدنا اليوم استجواب وزير المالية أو الصحة أو .. أو .. أو؟!لسنا نقلل من أهمية الاستجواب والمحاسبة، لكننا نقول بأنك حينما «تنام» طوال ثلاثة أدوار انعقاد وثلثي دور انعقاد أخير، ثم تصحو فجأة لتستخدم أدواتك الموجودة أصلاً طوال تلك المدة، تصحو وأنت تعلم بأن الوقت المتبقي لن يخدمك في الاستجواب ولن يفضي إلى شيء، وكلها أسابيع ونواب البرلمان سيحملون صفة «نائب سابق»، فمن حقي بالتالي كمواطن أن أقول للنواب «قاعدين تضحكون على من؟!».طوال ثلاثة فصول تشريعية لم نشهد استجوابات بالكم المفروض والمتوقع للوزراء والمسؤولين، وطبعاً نقول «كما متوقعاً» بناء على ما تتضمنه دفتي تقارير الرقابة المالية، تقارير رايحة وتقارير جاية، ولا وزير ولا حتى فراش وزير يساءل، والآن تركتم كل الوقت الذي مضى لتقام القيامة على استجواب هنا وهناك.والله كتبنا عن الاستجواب ودعمناكم فيه كحق يكفل الدستور للنائب، واستنكرنا ضياع الورقة في «مثلث برمودا النواب» والتي تحولت لحادثة يتندر بها الناس، لكن اليوم الحال لا ينفع معه تطبيق المثل «إن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي»، بل على العكس، اليوم كمواطن قضيتي أكبر من استجواب وزير مصيره إلى السقوط أكبر جداً من الصمود، قضيتي التي أعلقها في رقبة كل النواب هي تلك المتعلقة بأمن البلد وسلامة أهله، قضيتنا هي الإرهاب وقطع دابره، قضيتنا هي إنهاء لعبة التحريض وتحدي الدولة السافر.تعرفون ماذا نريده منكم يا نواب وأنتم تقتربون من فترة «انتهاء صلاحيتكم»، رغم أن كثيراً منكم «انتهت صلاحيته فعلياً» لدى الناس حينما جلس على الكرسي ونسي مطالب ناخبيه ووعوده لهم؟! أتعرفون ماذا نريده هنا؟! باختصار ووضوح، نريدكم أنتم أن تدافعوا عن موقفكم ومطالباتكم تجاه الدولة، هل نذكركم؟! فإن كنتم نسيتم فالناس لم تنسَ بعد!نريدكم يا نواب أن تدافعوا عن توصيات مجلسكم، توصيات تلك الجلسة الطارئة التي دعا لها جلالة الملك، نريد لكم أن تخبرونا ما نتيجة كل ذلك «الهيلمان» وأين هي التوصيات التي لم تطبق؟! أهم التوصيات المعنية بالقضاء على التحريض والإرهاب بقوة القانون هي التي لم تطبق، وأنتم اليوم نسيتم كل ذلك، نسيتم القضية الأهم، وبات التركيز على استعراض عضلات لاستجواب وزير هنا والتلويح ببهدلة وزير هناك.إن كنتم تريدون محاسبتهم فعلاً، فهذا كان يفترض منذ زمان مضى، وليس الآن، كما يقال باللغة الدارجة «لما شربت مروقها»، أو «لما ما عاد في العمر وقت قام يستغفر»!أقولها «استعراض للعضلات»، وهي بالفعل كذلك، عل الوصف يستفزكم فتفزعون وتتحركون باتجاه ما يريده الناس الذين ضجوا من هذا التحريض والإرهاب وزرع القنابل وإقلاق حياة الناس. والله تعلمون بأن الاستجواب لن يفضي لنتيجة، لأنكم أصلاً لا تملكون الوقت، كله إهدار لوقت كان يمكن أن يكفيكم لو تحركتم قبل سنوات وليس الآن «حزت الحزة»، الآن اختموها بشيء صحيح للوطن والمواطن، أقلها قدموا له «حقه» الذي يطالب به من الدولة ومنكم كأناس يفترض أن تعبروا عن صوته وتحملوا مطالبه، اسألوا عن توصياتكم المعطلة، سائلوا المعنيين بشأنها، شددوا على تطبيق القوانين المشددة على الإرهابيين، طالبوا بتطبيق القانون على منابر التحريض، ادعموا حماية رجال الأمن وتهيئتهم للدفاع عن أنفسهم والناس والوطن.أكل ما ذكرناه هنا لا يهم، وبات المهم استجوابات ليبرز لنا بعض النواب مستعرضين لعضلاتهم؟!هذا الاستعراض كان وقته في السابق وليس الآن مع قرب الانتخابات، اليوم من يريد أن يستعرض عضلاته ويثبت جدارته بالكرسي ويؤكد بأنه بالفعل صوت الناس، ليستعرض عضلاته على تطبيق القانون وتفعيل توصياته ووضع حد للإرهاب الذي قض مضاجع الناس وأقلق أمنهم.