المشروع الإصلاحي لجلالة الملك خطوة واضحة نحو الديمقراطية، فالإقبال منذ ذلك الوقت على العهد السياسي ودخول مرحلة جديدة في الحياة البرلمانية، كانت في بدايتها مشوشة نوعاً ما لبعض الشرائح ومرحلة تخبط سياسي لفئات معينة. فالمجتمع البحريني متباين في المعرفة المكتسبة لكل ما يتعلق بالسياسة، مجتمع متأرجح ما بين ثقافة النخبة السياسية وبين غالبية تمتلك ثقافة بسيطة. ومازال المجتمع البحريني متباين في ثقافته السياسية ووعيه، ونلتمس ذلك من خلال أداء بعض أعضاء مجلس النواب اليوم، وما يقومون به من زوبعات لحظية «أسمع جعجعة ولا أرى طحناً»، ومن خلال قراراتهم التي تنقصها الخبرة والخلفية المعرفية في الأمور السياسية. فالفجوة كبيرة في معرفة السادة النواب الأفاضل للمعرفة السياسية الحقيقة، والتي بات يدفع ثمنها المواطن البحريني اليوم، والذي يجهل هو أيضاً حقوقه السياسية.وتشهد مملكة البحرين منذ فترة جهوداً واضحة من قبل معهد التنمية السياسية ومحاولة يشكر عليها في عملية تنمية المجتمع البحريني سياسياً من خلال ما يقدمه من دورات تدريبية ومحاضرات متعددة، تهدف إلى تنمية الفرد سياسياً لتهيئته للمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، وتهيئة البيئة الصحيحة لممارسة هذه السياسية من أجل التنمية الشاملة والارتقاء في المعرفة حول كل ما يتعلق في الثقافة السياسية. الثقافة السياسية أو المعرفة السياسية لدى الأفراد في المجتمع العربي عامة، وفي البحرين خاصة، متفاوتة نسبياً، نظراً للفوارق التعليمية والتباين في الثقافات بين الأفراد، لذلك فإن الفجوة المعرفية بين الأكثر والأقل معرفة في المواضيع والشؤون السياسية بين الأفراد ما بين الزيادة والنقصان.فهل وسائل الإعلام المتعددة تنجح في نقل المعلومات وتزيد من المعرفة السياسية لجميع فئات الجمهور لسد ثغرات أو فجوات المعرفة بين الأفراد، خصوصاً ونحن في عصر الاستقطاب السياسي؟ وهل اختلاف المعرفة المكتسبة في الثقافة السياسية بين الأفراد سببه نمط الاستهلاك الإعلامي أم بسبب محتوى ومضمون وسائل الإعلام؟ وهل المجتمع البحريني بحاجة إلى تضافر جهود كل من معهد التنمية السياسية والمؤسسات الإعلامية ومنها هيئة شؤون الإعلام لسد فجوة المعرفة أو محاولة تضييقها لدى الجمهور بالمعرفة السياسية؟إن تدفق المعلومات من وسائل الإعلام -المرئية والمسموعة والمقروءة- يجعل من الأفراد ذوي المستوى الاجتماعي الاقتصادي العالي يكتسبون معلومات أسرع من الأفراد الذين هم أقل في المستوى الاجتماعي الاقتصادي، لذلك يكون هناك تباين في المعرفة بشكل عام، ومنها الثقافة السياسية. فهناك أشخاص قادرون على تلقي المعلومة من خلال التلفزيون أكثر من أن يتلقوها من خلال الصحف، فمستوى التعليم ومستوى الاهتمام والخلفية المعرفية جميعها مؤشرات في اختيار الفرد للوسيلة الإعلامية، ومنها في اكتساب المعرفة وتلقي المعلومات، وهذه مسؤولية تقع على هيئة شؤون الإعلام في تدفق المعلومات.ما يقوم به معهد التنمية السياسية وما يقدم من ورش عمل وندوات هي بالفعل محاولة لتضييق فجوة المعرفة بالثقافة والتنمية السياسية، وهذه هي حاجة المجتمع البحريني بعد دخول البحرين عهد الديمقراطية، ونهجها مساراً واضحاً للتنمية المستدامة في مجالاتها المختلفة. فمسؤولية المعهد ليست نشر الوعي السياسي لجميع الفئات والشرائح في المجتمع؛ بل يجب أن يحمل على عاتقه سد الفجوات المعرفية من مواضيع تهم الفرد وتستقطبه عبر المهارات الاتصالية والتواصل الاجتماعي المستمر والمكثف، حتى يقبل الجمهور بكل فئاته على الدورات التي يقدمها المعهد وإدماج جميع المستويات في هذه الورش لتحقيق التفاعلية وزيادة الحوار الحر المستقل والمشاركة والاهتمام بالشؤون السياسية المحلية.هناك اختلاف في المعرفة المكتسبة بالثقافة السياسية، يجب أن تقابل بجهد من قبل جهات كثيرة لسد هذه الفجوة أو تضييقها مع مر الأيام، والمسؤولية تقع على الجميع من أجل تنشئة صحيحة ونشر الوعي السياسي بجرعات مكثفة.