نشرت وسائل الإعلام المختلفة، خصوصاً تلك المحسوبـــة علـــى «المعارضـة»، خلال اليومين الماضيين خبر استنكار خطيب طهران أحمد خاتمي «استحواذ» عائلـــة آل خليفة على السلطة في البحرين، وقوله إن البحرينيين يطالبون بصوت لكل بحريني وانتخاب حكومتهم وأن يشارك جميع أبناء الشعب البحريني في انتخابات حرة ونزيهة.. وغير هذا من كلام يسمعه من «المعارضة» ويتابعه عبر الفضائية السوسة «العالم».انفلات عقل خاتمي جعله يقول متسائلاً «فلأي سبب تقوم عائلة (غير بحرينية) بالأساس بالاستحواذ على السلطة لأكثر من أربعة عقود وتحكم الشعب بالقوة والعدوان (...)».خاتمي قال أيضاً إن «علماء البحرين قاموا دفاعاً عن أبناء وطنهم لكن السلطة عمدت إلى حل مجلس علماء البحرين» (يقصد المجلس العلمائي، من دون أن ينتبه إلى أنه بكلامه هذا أكد على أن هذا المجلس لم يوجد ليمارس دوراً دينياً وإنما سياسياً)، وقال أيضاً «للأسف فإن العالم الغربي والمنظمات الدولية التي ملأت أسماع الدنيا بشعارات الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان فإنها اليوم لا تتفوه ببنة شفة أمام هذا العدوان والتطاول على حقوق الإنسان، وكأنها لا تعتبر الشعب البحريني الشجاع بشراً من الأساس».لم يكتف خاتمي بما قال، وإنما سعى إلى التحليل أيضاً، فقال إن «سر هذا الأمر معلوم بالطبع، وهو أن حكام البحرين يحرسون المصالح الأمريكية والبريطانية والغربية في المنطقة».كل ما قاله خاتمي هذا عن البحرين التي تعيش أجواء ديمقراطية لا يمكن أن تتوفر في إيران يظل رأياً، فأي إنسان من حقه أن يعبر عن وجهة نظره وقناعاته، لكن ما يتجاوز الرأي إلى التدخل في شأن البحرين -وهو ما لا يجوز عرفاً وأخلاقاً وقانوناً- هو قوله في نهاية خطابه التزام الشعب الإيراني بالوقوف إلى جانب البحرينيين، حيث قال بعربيته المكسرة «من هذا المنبر الشريف وباعتبار الشعب الإيراني المسلم الغيور وانطلاقاً من الواجب الشرعي بحماية المسلمين المظلومين فإني أعلن دعماً (شعبياً) وحمايتهم لكم».جولة سريعة في الإنترنت تكفي لتبين أن هذا الرجل «فاصخ عقل»، فقبل فترة هاجم الشقيقة الكبرى وقال إن «السعودية باتت اليوم أداة لتمرير المؤامرات الأمريكية» ودعا إلى حرقها، وقبل ذلك دعا إلى جلد زعيم المعارضة الإيراني مهدي كروبي بسبب ادعاءاته المثيرة للجدل بشأن تعرض عدد من الذين جرى اعتقالهم في التظاهرات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية للاغتصاب والتعذيب في السجن (في سجون إيران الإسلامية)، وقبل ذلك أو بعده دعا إلى إعدام «مثيري الشغب» في إيران، في علامة على إصرار السلطات الإيرانية على قمع المعارضة لنتيجة انتخابات الرئاسة، وفي علامة أبرز على أن ما نقوله هنا عن الرجل صحيحاً ودقيقاً. في هذا الخصوص قال للمصلين «أريد من القضاء أن يعاقب قادة المشاغبين بقسوة ودون إظهار الرحمة كي يتعظ الجميع». طبعاً المفروض أننا لا نأخذ على شخص بمثل هذا المستوى من التفكير الأقرب إلى حالة الحماقة، ولكن لأنه خطيب جمعة؛ ولأن إيران تحرص على نقل خطبته عبر مختلف وسائل الإعلام، لذلك فإن السكوت عنه قد يكون صعباً بعض الشيء، فهو بشكل أو بآخر يعبر عن القيادة في هذه الدولة التي من الواضح أنها لا ترتاح إلا بالتدخل في شؤون الآخرين وتجاوز الحدود. كل ما قاله في تلك الخطبة لم يكن صحيحاً ولا قيمة له، وهو لا يعبر إلا عن جنون وعن حماقة لا ينبغي أن يتصف بها رجل دين، حيث الأولى به أن يصلح أحوال الناس في بلاده، فهذا أجدى من المتاجرة في «شعبه»، لأن في إيران قبل غيرها وأكثر من غيرها يوجد «مسلمون مظلومون» يستوجب حمايتهم «انتلاقا من الواجب الشرئي بهماية المسلمين المزلومين»!