يوم 21 يونيو من كل عام يصادف يوم عيد الأب، يا ترى كم واحداً منا يعلم بوجود هذه المناسبة وفي أي يوم تصادف، ثم لماذا تتسم علاقتنا بالأب بنوع من البرود والجفاف عكس علاقتنا بالأم والتي تكون غالباً مفعمة بالود والحب الذي لا نتردد في إظهاره، بينما نحرم آباءنا من هذه المشاعر وقد يوجد منا من يندم بعد فوات الأوان وفقدان الأب من عدم بوحه لحبه لأكبر عاشق لنا مستعد أن يضحي بحياته من أجل سلامتنا ويضحي بصحته وعمره من أجل إسعادنا وتوفير أسباب راحتنا، فالأب يصبح كالإنسان الآلي من حبه لأبنائه مبرمج لهدف معين لا يحيد عنه مهما جرى، لا يفكر بمتعته ولا براحته ولا بسعادته ولا بعمره الذي يقضيه بخدمتنا والحفاظ علينا، حتى وإن أصبحنا كباراً في السن نبقى أولاده الذين يعشقهم ويفضلهم على نفسه ويسهر الليل يبحث عن راحتهم وفرحتهم، قد يبحث عن هدمة جديدة لنا في العيد ولا يلبسها، ويبحث عن سعادة ولا يفكر بها لنفسه لكنه يراها في أعين أبنائه.وعيد الأم الذي احتفلنا به منتصف الأسبوع الماضي ويسمى «بالإنجليزية: Mother's Day» هو احتفال لتكريم الأمهات والأمومة ورابطة الأم بأبنائها وتأثير الأمهات على المجتمع، ويحتفل به في العديد من الأيام بشتى مدن العالم وفي الأغلب يحتفل به في شهر مارس أو أبريل أو مايو، ويعتبر مكملاً لعيد الأب وهو احتفال لتكريم الآباء.ويختلف تاريخه من دولة لأخرى، فمثلاً في العالم العربي يكون اليوم الأول من فصل الربيع أي يوم 21 مارس، أما النرويج فتقيمه في 2 فبراير، وفي الأرجنتين يوم 3 أكتوبر، وجنوب أفريقيا تحتفل به يوم 1 مايو، وفي الولايات المتحدة يكون الاحتفال في الأحد الثاني من شهر مايو من كل عام، وفيه يتم عرض صور رسمها أطفال بين السادسة والرابعة عشرة من عمرهم وتدخل ضمن معرض متجول يحمل اسم «أمي» ويتم نقله كل 4 سنوات حيث يتجول المعرض في العديد من الدول.عيد الأم هو ابتكار أمريكي لا ينحدر مباشرة تحت سقف احتفالات الأمهات والأمومة التي حدثت في كل دول العالم منذ آلاف السنين، مثل عبادة اليونان لكوبيلي وعيد الرومان لهيلريا واحتفال المسيح يوم الأحد لتكريم الأمومة، بالرغم من ذلك أصبح مصطلح عيد الأم مرادفاً لهذه العادات القديمة.لكننا في الوطن العربي دائماً ما نقدس الأم ونكرمها على ما تقدمه لأجلنا منذ أن نرى النور إلى أن نكبر ونتزوج ويأتي لنا الأبناء ومن بعدهم الأحفاد، وإن أمد الله في عمرها تبقى هي العش الدافئ الذي نبحث عنه مع زوجاتنا وأبنائنا نتسابق لتضمنا إليها بكل حنان، هي الأم التي منذ أن وجدت على الأرض وهي تعمل من أجل إسعاد بيتها وسعادة زوجها ونجاح ما بعده نجاح لأبنائها، ودائماً ما تشعرنا بحنانها أننا مقصرين في حقها، مهما أوفيناها من حب نجد أنفسنا قليلي العطاء في حق هذه المرأة وهي الأم. هي من يرمز لها بالوطن والبيت العود والقلب الحنون وهي من كرمت عند الرسول صلى الله عليه وسلم: «عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال «يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم‏؟‏» قال نعم، قال: «فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها».لكن ماذا قدمنا للأب الرجل الذي يكد من أجل أسرته، يراها دائماً أعلى السلالم ويتغرب ويتعذب ويقاتل في الحروب ويعرض حياته للموت كل يوم، كذلك يفعل الغواص عندما ينزل إلى قاع البحر بحثاً عن دانة تجلب لأسرته السعادة متناسياً أن هناك من قد ينهي حياته من الأسماك المتوحشة «كاليريور»، وكثير من العوائل فقدت آباءها في رحلة غوص وعاد الغواصون بملابسه بعد أن رموا به في عرض البحر وهو ينشد السعادة لأبنائه، أفلا يستحق هذا الإنسان أن نكرمه في يوم من أيام السنة.يبقى عيد الأب هو احتفالية عالمية لا دينية لتكريم الآباء يتم الاحتفال بها في عدة أيام مختلفة حول العالم، وهو يعادل الاحتفال بعيد الأم والذي يخصص لتكريم الأمهات.وتختلف أيام الاحتفالات بعيد الأب حول العالم، فمثلاً في عدد من الدول العربية كسوريا ولبنان يتم الاحتفال به في 21 يونيو من كل عام، وفي إيطاليا والبرتغال وبوليفيا يحتفل به في 19 مارس من كل عام، وفي دول كالهند، غانا، باكستان، سويسرا وتركيا يحتفل به في 21 يونيو، ويعتبر هذا اليوم عطلة رسمية في بلدان كالولايات المتحدة. في البلدان الكاثوليكية، احتفل بعيد الآباء منذ القرون الوسطى اعتباراً من 19 مارس، وهو عيد القديس يوسف، ومع ذلك كان من الصعب بكثير الاحتفال بعيد الأمهات دينياً، ولقد تم إنشاء واحدة من الاحتفالات غير الدينية الأولى للآباء في عام 1912 في الولايات المتحدة، إلا أنه لا يتم الاحتفال بيوم الأب عالمياً كيوم الأم.تبقى الأم ويبقى الأب منارتين تضيئان دروبنا حتى وإن واريناهم تحت التراب تبقى ذكراهم تنير قلوبنا ما حيينا.الرشفة الأخيرة ندعو لوالدينا الذين رحلوا عن هذه الدنيا.. رحلوا ولكن كالمسك مازالت رائحتهم عالقة بكل زوايا البيت الذي جمعنا وإياهم، رحلوا وظل حبل الدعاء هو الوصل بيننا وبينهم في كل صلواتنا، «ربي افتح على قبور موتانا نافذة من نسائم بردك وعفوك ورحمتك لا تغلق أبداً».