من يتابع اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بملف مكافحة الفساد منذ ديسمبر الماضي يمكنه أن يتعرف على حجم الحرص الذي يبديه سموه تجاه هذه القضية التي يمكن أن تشوّه سمعة الدولة، وتهدم أي إنجاز حكومي، وتضر بالاقتصاد الوطني على المديين المتوسط والطويل.رسائل أساسية مهمة وجهها سموه منذ نهاية العام الماضي بشأن الفساد وأهمية مكافحته، وهي كالآتي:أولاً: ضرورة تحمل المسؤولين والوزارات والأجهزة الحكومية المسؤولية الوطنية في مكافحة الفساد، فهو ليست مسؤولية فردية ملقاة على عاتق هذا الوزير أو ذلك المسؤول، بل يجب أن تكون هناك مسؤولية جماعية مشتركة بين الجميع.ثانياً: لا سقف للمحاسبة والمساءلة، وبالتالي فإن الجميع خاضع للمحاسبة دون استثناء من صغار موظفي الحكومة إلى المديرين والوكلاء المساعدين والوكلاء وحتى الوزراء، وهذا ما أكده الخطاب الرسمي خلال الفترة الماضية. ثالثاً: المساءلة والمحاسبة في قضايا الفساد ليست عفوية أو خاضعة للأمزجة، وإنما تخضع لنظامنا القضائي الذي يجب على الجميع احترامه، فمتى ما وجدت شبهة فساد في القطاع العام يجب اتباع الآليات القانونية المناسبة، وهناك عدة جهات مختصة في مثل هذه القضايا من ديوان للرقابة المالية والإدارية، إلى النيابة العامة إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية، والجهة الأهم ذات الاختصاص هي السلطة القضائية التي لديها الصلاحيات الكافية لمحاسبة الفاسدين حسبما ينص عليه القانون. وبالتالي فإن مطالبات المحاسبة التي تظهر هنا وهناك يجب أن تلتزم بهذا الإطار، فليس معقولاً أن تظهر المطالبة بمحاسبة هذا الوزير عبر شبكات التواصل الاجتماعي ويتم محاسبته بسبب هذه المطالبات الإلكترونية. رابعاً: الإطار الزمني مهم للتخلص من أي تجاوزات أو شبهات فساد، فكما هو الحال بالنسبة للمشاريع الحكومية التي تتطلب إطاراً زمنياً واضحاً للإنجاز. فهناك حاجة أيضاً لإطار زمني لمحاسبة المتورطين بالتجاوزات المالية والإدارية أو الفساد كما ورد في تقرير ديوان الرقابة. قد تكون هذه مجموعة من الرسائل المهمة التي وجهها سمو ولي العهد للحكومة، وللرأي العام البحريني خلال الفترة الماضية تتعلق بقضية مكافحة الفساد. واللافت أن سموه أثبت جدية كبيرة تجاه هذا الملف، وإلا كيف يمكن تفسير حرصه على زيارة الإدارة العامة لمكافحة الفساد أمس وهو يوم إجازة رسمية، رسالة يجب أن يفهمها الجميع.أهم طرف لفهم هذه الرسائل ليس الرأي العام البحريني بعموميته، وإنما الوزراء وكبار المسؤولين تحديداً الملقاة على عاتقهم مسؤولية إدارة القطاع العام. فثقافة تجاهل المتجاوزين والمفسدين انتهت، ولا ينبغي لها أن ترجع أبداً لأن لا مكان لها في البحرين. أيضاً على الوزراء الذين يتحفظون على محاربة الفساد أو مواجهة التجاوزات الجارية في وزاراتهم أن يدركوا أن هذا الزمن انتهى، ولا مكان اليوم لوزراء ضد الاستيعاب في حكومة البحرين مع حلول العام 2014.
Opinion
رسائل ولي العهد ووزراء ضد الاستيعاب
14 يناير 2014