الحوار الذي أجرته صحيفة «الشرق الأوسط» أخيراً مع النائب جواد بو حسين كان لافتاً ومهماً، ولعلها المرة الأولى التي ينتقد فيها النائب بوحسين، بهذه الكيفية، جمعية الوفاق والجمعيات السياسية التي تعتبر نفسها معارضة وفي ثورة. لن أعيد ما تم التطرق إليه في ذلك الحوار المهم، ولكني سأقتطف منه جملة أعتقد أنه ينبغي التركيز عليها والاهتمام بها، فالنائب وضع بتلك الجملة يده على الجرح وطرح موضوعاً لا يجد الاهتمام والرعاية من كثيرين. هذه الجملة وردت في سياق الحلول التي يرتئيها حيث قال «الاهتمام بالشباب وبناء مراكز ثقافية وتشجيع الشباب على تجاوز الفراغ». هذا يعني أن النائب يريد أن يقول بأن تلك الجمعيات السياسية وأولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج وقرروا في غفلة من الزمن أن يصيروا قادة لثورة ظلوا يحلمون بها للوصول إلى الدولة التي زرعت في رؤوسهم، يستغلون الفراغ الذي يعاني منه الشباب ويستغلون نقص المراكز الثقافية التي يمكن أن تستوعبهم بتقديم ما يملأ ذلك الفراغ كي يستفيدوا منهم في تنفيذ مآربهم فيتحولوا -الشباب- إلى أدوات ومشاريع جاهزة للتخريب ونشر الفوضى من دون التفكير حتى في مستقبلهم الذي يرونه يضيع من بين أيديهم. المعنـــى أن أولئـــك الذيــن فــي الخــــارج و«المتكاملين» معهـــم فــي الداخــل مــن جمعيات سياسية وغيرها انتبهوا لهذه المسألة وبدؤوا تنفيذ خططهم الرامية إلى تحويــل الشباب إلى أدوات طيعة تنفذ مـــا تؤمر به من دون تردد ومن غير طرح أسئلة، فما يقومون به هو في صالح «الثورة» التي ستحقق لهم كل ما يحلمون به، وتضمن لهم المستقبل الذي ستتاح لهم فيه الفرصة ليخدموا وطنهم ودينهم ومذهبهم. وبالطبع فليس أسهل من طريق الدين والمذهب والحالة المادية للسيطرة على الشباب، يزيد من تسهيل المهمة الفراغ الذي يعاني منه الشباب في ظل غياب المراكز الثقافية والأنشطة التي يمكن أن تشغلهم وتدفعهم إلى الالتفات إلى أنفسهم وخدمة وطنهم. الرسالة الآن موجهة من النائب ومنا إلى الحكومة، التي ربما لم تنتبه من قبل إلى هذه المسألة أو أنها لم تعتبرها من الأولويات، فهل من صحوة تنقذ شباب البحرين من هذا المأزق الذي صاروا فيه وتحولوا من بناة «لهم الغد» إلى أدوات هدم؟ ومن مبشرين بمستقبل باهر لهم ولوطنهم إلى مشاريع «شهداء» يرتدون الأكفان المكتوب عليها «أنا الشهيد التالي» ويفعلون ما يؤمرون؟ الشباب الذين شاركوا في أعمال العنف في الأيام القليلة الماضية واستباحوا حياة الناس وأربكوهم وسعوا إلى تعطيل الأعمـال والأسواق والمدارس بتلك الممارسات البعيدة عن الدين والأخلاق؛ إنما استهدفهم أولئك و«زهزهوا» لهم حتى صاروا في أيديهم كما الخاتم، يديرونه كيفما يشاؤون ووقت ما يرغبون. صوروا لهم المستقبل الذي لم يرد حتى في أحلامهم وأعطوهم الشمس في يد والقمر في الأخرى، حتى تحولوا إلى أدوات تنفذ مآربهم من دون حتى أن تسأل. الفراغ الذي كان يعيشه الشباب استغله أولئك استغلالاً بشعاً، واستغلوا الأحوال المادية التي يعيشها بعضهم لسبب أو لآخر، ووظفوا الدين والمذهب بخبث قل نظيره حتى صار من السهل على الشباب التحول إلى مشاريع تخريب، وصار سهلاً عليهم ممارسـة كل أنواع العنف واعتبار كل ما يطلب منهم تنفيذه مقدساً يضمن لهم الوقوف على أولى العتبات الموصلة إلى الجنة. استغلال الدين والمذهب والفراغ الذي يعاني منه الشباب وقلة الأندية والمراكز الثقافية أو وجودها من دون أن يكون لها دور فاعل في احتضان الشباب وتحويلهم إلى مشاريع خير لوطنهم، كل هذا ساعد على توجه الشباب في الطريق الخاطئ، والذي للأسف لن ينتبهوا إلى تورطهم بالدخول فيه إلا متأخرين.. شكراً للنائب بوحسين.
Opinion
الشباب وبوحسيّن.. والوفاق!
18 فبراير 2014