تحزن المربية الفاضلة الدكتورة الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة لوفاة ابنها الشيخ حسن في حزن كل من يعرفها، وكل من لا تربطه بها معرفة شخصية. فلأم خالد لدى أهل البحرين كافة مكانة تستحقها ومحبة تحسد عليها، نالتها لفعلها الجميل والمتميز سواء من خلال ترؤسها لجامعة البحرين (في الفترة من 2003 - 2007) وما قدمته للطلبة ذكوراً وإناثاً من دعم وتشجيع، أو من خلال منصبها الحالي (نائبة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة) ومواقفها ودعمها اللامحدود لتمكين المرأة وتحقيق المكاسب لها، أو من خلال علاقاتها الإنسانية وتواصلها مع الآخرين الذين تعودوا حبها وكرم أخلاقها وقدرتها على استيعاب الجميع والتفاعل معهم.هكذا هي البحرين دائماً، وهكذا ستبقى بإذن الله، أسرة واحدة متماسكة لا تسمح لأي متطرف -أياً كان وأياً كانت الظروف- أن يفرق بين أبنائها المتحابين والمتواصلين في الخير دائماً، والذين يعرفون جيداً حق وطنهم عليهم والدور المنوط بكل واحد منهم. هذه المساحة ليست لاستعراض نشاط الشيخة مريم ودورها في خدمة وطنها ومجتمعها وموقفها المتميز في الإعلاء من شأن المرأة البحرينية والخليجية ومشاركاتها الواسعة في المؤتمرات التي «تحامي» فيها عن المرأة، وليس عن إسهامها في تربية الأجيال، فهذه جوانب تحتاج إلى الكثير من المساحات، ولكن هذه المساحة لمواساتها في مصابها الجلل، والتعبير عن حب أهل البحرين لها وإلقاء شيء من الضوء على طبيعة المجتمع البحريني الذي لا يزال -رغم كل ما مر من أحداث قاسية وغريبة عليه- متماسكاً، يحزن أفراده لحزن أحدهم ويتألمون لألمه، تماماً مثلما يفرحون لفرحه ويسعدون لنجاحه. ثلاث سنوات ونيف سعى خلالها البعض إلى تفتيت هذا المجتمع وتأليب أفراده بعضهم على بعض، ووظف لهذا الهدف كل ما يمتلك من فنون الإساءة والتخريب، لكنه لم يستطع أن يحقق ولو جزءا من النجاح، ولم يتمكن من التأثير في مساحات الحب التي تربط بين أهل البحرين الطيبين بعضهم ببعض. ثلاث سنوات ونيف لم يترك فيها ذلك البعض حيلة إلا وحاول الاحتيال بها، ولم يتأخر عن توظيف كل من يمتلك من قدرات وعلاقات باتت مفضوحة مع الخارج الذي لا يريد الخير للبحرين للتأثير في هذا المجتمع وإضعافه، فلم يجد إلا الصد ولم يجد إلا جداراً حصيناً صار يعرف أنه لا يمكن مناطحته، وإن لم يردعه ذلك بعد، فظل مستمراً في محاولاته التي لن تعرف طريق النجاح بفضل الله وبقدرة هذا المجتمع وتماسكه وبالنية الطيبة التي تحكم أفراده المخلصين والمؤمنين بأن الله خير حافظ، والموقنين بأن الدولة البحرينية من القوة ما يصعب اختراقها وإضعافها.هكذا هو شعب البحرين عندما يشعر أن الآخر الذي لا يريد له الخير قد بدأ في تنفيذ مخططاته الخبيثة، واختار أن يدخل إليه من باب الطائفية البغيضة التي لم يعرفها من قبل ولا يسمح بدخولها إليه، فهو في مثل هذه الحالات لا يفعل شيئاً سوى أن يقول لذلك البعض «موتوا بغيظكم»، لكن بطريقة عملية تتمثل في ظهوره كأسرة واحدة يفوح منها رائحة الحب وكل ألوان الطيب. مشاركة أهل البحرين بمختلف أطيافهم للشيخة مريم بنت حسن وعائلتها حزنها إنما هو مثال عملي عن رفض هذا المجتمع الجميل لكل ما قد يودي به إلى حيث أودت الطائفية والفئوية والتحزب والتطرف في الرأي واتباع الأجنبي الذي يقبل -كما الشيطان- بوجه جميل كي يغوي ويوقع ضحيته في الفعل القبيح. مصابك عظيم يا أم خالد، عسى الله أن يمسح على قلبك ويعوضك خيراً ويبارك لك في إخوته، وأن تواصلي درب العطاء، فأنت مثال يحتذى ونموذج يفخر به أهل البحرين جميعاً.