التفسير المنطقي لتسريبات حول اتفاقات حصلت مع الوفاق هو تهيئة الجمهور لاتفاق وشيك دخل مرحلة التهيئة لما قبل الإعلان عنه، لمنع حدوث صدمة ورد فعل عنيف بين الجماهير وتقليل نسبة السخط العام.هذه المرحلة من نهاية دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث والدخول في الإجازة البرلمانية الأخيرة قبل وقت الانتخابات النيابية والبلدية، هي مرحلة مفصلية، وأستطيع القول إننا الآن في مرحلة العد التنازلي التي تفصلنا عن قرارات هامة ستتخذ على صعيد مملكة البحرين، ولذلك لا يمكن أن تستبعد أن هناك اتفاقات حصلت بين أطراف معينة تمهد لإعادة مشاركة عامة في الحياة السياسية.علاوة على ذلك، فإن صيغة الاتفاقات التي تسربت، لا توحي أنها غير حقيقية أو غير ذات مصداقية، بل على العكس هي منطقية جداً، وليس المقصود بالمنطقية بأنها جيدة؛ بحيث تتضمن تنازلاً عن مطلب رئيس وهي الحكومة المنتخبة، في المقابل إعادة رسم الدوائر الانتخابية وهو مطلب رئيس أيضاً، ولكن المشكلة تكمن في كيفية رسم هذه الدوائر وعلى أي أساس ستكون.أضف إلى ذلك، أنه لم يسبق وأن تم تعيين عدد من الوزراء ينتمون إلى تيار معين في الحكومة، وقد يكون هذا خياراً مطروحاً كتعيينات أولية في الحكومة.علاوة على ذلك، لا يمكن إغفال أن مسألة البحرين أصبحت مسألة دولية، وحتى تلك التسريبات لم تخلُ من الإشارة إلى وجود السفير الأمريكي في تلك التسويات التي يتم الحديث عنها حالياً، وهذا أمر متوقع في ظل التدخل الأمريكي الكبير الذي طفح على السطح بقوة منذ 2011.إن الوصول إلى تسوية في هذا التوقيت الضيق، صدمة، لا نقصد بها لطرف ما، بل للجميع، وإن التسريب لمثل هذه المعلومات في هذا التوقيت لا يخلو من وجود حالة عدم رضا لدى أطراف لها ثقلها الكبير.هناك ترتيبات دول تحدث بشأن البحرين، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالترتيبات الدولية التي تحدث في بقية المناطق، وإطلاق صفة الإرهاب على هؤلاء المعارضين الموجودين في لندن هو تغير كبير على مستوى التفاهمات الدولية، وهو الأمر الذي يجعلنا لا نستبعد إجراء صفقة تصل إلى تسوية ضمن التفاهمات التي يجريها قادة الغرب مع دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، وإيران من جانب آخر. في كل الأحوال، إن الحديث عن مثل هذه التسويات لن يكون حديث تكهنات لأمد طويل، لم يتبق سوى بضع أشهر للكشف عن أية أغطية موضوعة على تلك التسويات والإعلان عنها قبل الانتخابات المقبلة.إن كانت هناك أية تسوية، فالإعلان عنها سيكون قريباً، وإن لم تكن هناك أية تسوية، فإن ذلك لن يكون إلا في سنوات مقبلة، وأطراف العملية السياسية يعلمون أن عامل الوقت هنا مهم جداً، وأن أية تسوية يجب أن تكون محددة في هذا الإطار الزمني، وإن غداً لناظره قريب.