من الصعب قراءة التطورات الأخيرة في هذه المرحلة من منافسات كأس العالم والتي بلغت ذروتها من التشويق حتى هذه اللحظة من قبل العديد من الفرق، وإن كانت أغلب التوقعات تشير إلى أن البطولة لن تحيد عن أحد الفرق الكبيرة، وبمعزل عن المحاولات الطموحة للمنتخب الهولندي بطل أوروبا 1988 لإعادة حضوره كقوة كبرى ولاعب رئيس في عالم المستديرة لاسترجاع الذكريات الجميلة التي اختطتها الأجيال الذهبية جيلاً بعد جيل، ويمني النفس بفك عقدة المباريات النهائية إذ وقف حاجزاً بينه وبين الكأس الذهبية ثلاث مرات عند الحاجز النهائي، حيث خسر أمام مضيفه منتخب ألمانيا الغربية سابقاً 1-2 في عهد يوهان كرويف عام 1974، ثم النهائي التالي بالأرجنتين 1-3 في عهد كرول عام 1978، وأخيراً النسخة الماضية عندما قهرها اينيستا في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي مانحاً إسبانيا لقبها الأول.إسبانيا حاملة اللقب بدورها ودعت البطولة بعد تلقيها الهزيمة الثانية على التوالي على يد منتخب شيلي، والشيء المؤكد بخسارة إسبانيا تكون البطولة قد خسرت واحداً من أقوى المرشحين قبل بدء البطولة بعد أداء كارثي من نجوم صالوا وجالوا وصنعوا المتعة خلال الأعوام القليلة الماضية، وبذلك خسرت الجماهير متعة مشاهدة منتخب يعج بالنجوم من الطراز الرفيع.العرب ومنافسات كأس العالمنحن العرب دائماً خارج السياق حتى في المواجهات الرياضية، فكرة القدم عرف عنها الروح الرياضية والأخلاق الرفيعة – حيث يعترف المنهزم فيها بأحقية المنتصر ويهنئه، ومن ثم يبدأ بالتفكير في وضع الخطط المستقبلية للنهوض من الكبوة ومواصلة الطريق (هذا ما يحدث للفرق الكبيرة عند الخسارة)، أما نحن العرب فالرياضة بالنسبة لنا تفريغ للعصبية والحقد والجهل وعدم قبول الآخر، بالإضافة إلى البحث عن مبررات الفشل التي تكون في أغلب الأحيان من وحي الخيال.وأقرب مثال لذلك مشجعو ريال مدريد – برشلونة الذين دوشونا، وصدعوا رؤوسنا، فوصل بهم الحقد والتعصب تجاه بعضهم البعض لافتقادهم لجميع الحواس، فلم يستطيعوا التمتع بمشاهدة مباريات كاس العالم، وتفرغوا باصطياد أخطاء وانتقاد لاعبي الفريقين كلاً على ليلاه وما تهوي أنفسهم. ونسوا أو تناسوا بأن اللاعبين هم أنفسهم الذين صنعوا المجد لإسبانيا. واللافت إلى النظر بأنهم كانوا أكثر الشامتين لخسارة المنتخب الإسباني الذي يمثل أغلب لاعبيه من الفريقين. ليس لأنني أشجع المنتخب الإسباني بالرغم من تعاطفي معه – فالجميع يعرف بأنني أشجع المنتخب الأرجنتيني، لكنني دائماً أضع العاطفة جانباً، وأتحيز إلى الحقيقة التى لا تعرف أن تكذب أو تتجمل، والحقيقة الساطعة الناصعة تقول بأنه بخروج الفريق الإسباني تكون البطولة قد خسرت واحداً من أفضل الفرق متعة للمشاهدة، وأكثرها جدلاً. فطويت صفحة ناصعة البياض دونت اسمها فى تاريخ البطولات، ووقعت على انتهاء جيل ذهبي سيصعب تكراره. هاردلك لجماهير المنتخب الإسباني.