بتنا اليوم ككتاب في حالة لا أعرف ماذا أسميها؛ هي أشبه بحالة فنان تشكيلي رسم لوحة جميلة، وعاد ليبدأ في لوحة جديدة، لكنه لا يريد أن يكرر شيئاً من اللوحة السابقة حتى وإن كانت جميلة.مؤسف لي -وأعتقد للزملاء الكتاب- أن نجد أنفسنا نكتب انعكاساً لوتيرة الأحداث وغالبيتها أحداث إرهاب وقتل منذ 3 سنوات، نحن أمام خيارين؛ إما أن نتجاهل ما يحدث وننفصل عن هموم الناس ومعيشتهم، وإما أن نكتب عن الأحداث، وبالتالي نحاكي أعمدة كتبت منذ 3 سنوات وحتى اليوم وتتشابه في أمور كثيرة.المثل القائل «كثر الدق يفج للحام» لم نجده يحدث في البحرين، حتى وإن تمت الاستجابة إلى بعض الأمور، غير أن حالنا الذي يقال عنها «القبول والتعايش مع الإرهاب حتى يتم إعطاء الجمعية الانقلابية ما تريد» هو حال تجعل المواطن مستاءً، كلما تعرض هو وأسرته إلى الإرهاب في الطرقات، وكلما شاهد تأثير الإرهاب على الاقتصاد والحياة العامة.ليعذرنا الجميع، وأكتب عني وعن زملائي، أقول إننا لا نريد أن نكرر شيئاً في لوحة سابقة، إلا أننا مجبرون على أن نتعاطى مع الحدث على الأرض، فالأمن حجر الأساس وشعورنا أن هناك تقصيراً في محاربة الإرهاب وتطبيق القانون شيء محبط وخجل. وكأن الدولة تريد من الجمعية الانقلابية أن تمنح البحرين الأمن، والأمن لا يمنحه هذا ولا ذلك، هو من عند الله سبحانه أولاً وقبل كل شيء، ومن ثم بإرادة أهل البحرين والدولة وتطبيق القانون كسبب من الأسباب.في موقع صحيفة «الوطن» الإلكتروني تأتي تعليقات على ما نكتب من مقالات، يكتبها إخوة وأخوات أعزاء كرام، فيها فكر وفيها روح وطنية رائعة، ولا أخفيكم أنني أستنير بآراء إخوتي وأخواتي، وآخذ بها وتؤثر بي كلما وجدت الفكر عالياً.صفحة التعليقات يوم أمس كتب فيها الإخوة الكرام (حارب، والحر، وهدهد سليمان، ولبناني من الحورة، وعادل المحمود، وحداوي، والكوهجي) وأتمنى أني لم أنس أحداً من المعلقين، كما أن في الأيام الماضية أيضاً كتبت أسماء أخرى تعليقات جميلة ومحترمة وددت لو أني تمكنت من نشرها.من تعليقات الأمس كان تعليق الأخ الذي رمز إلى اسمه بـ «هدهد سليمان» الذي كتب عن أمن المجتمع قائلاً: «أستاذ هشام.. لعلك في هذا المقال الجامع المانع (مقال أمس) أبنت البيُّن، ورسمت طريق الخلاص، وحددت سبل الوصول إليه. اجتثاث الإرهاب يجب أن يتلازم مع تحرير مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وأنماط الحياة المرتهنة وبتر أساليب وطرق الاختطاف.الإرهاب ممول ومدرب ومسلح من خارج الحدود والاختطاف ممنهج ومدروس ومنفذ من داخل مفاصل الدولة وبتغطية واستسلام منها وهي تغطي جبنها وعجزها عن المواجهة بالتمويه.. وهاك مثل:في كل مرة يتحدث مسؤول رسمي عن قتل أوتفجير أوتفخيخ يقول إن الإرهابيين والمخربين استخدموا أسلحة أو قنابل أو متفجرات (محلية الصنع)، وأراهن إن خلا تصريح رسمي من هذه العبارة!.السؤال؛ إذا كانت الأسلحة الإيرانية المهربة عن طريق العراق والتي تم ضبط بعض شحناتها لم تستعمل، فهذا ينطوي على احتمال شبهة تبرئة ضمنية لمن يمد الإرهاب بالأسلحة ويهربها إلى الدخل من خارج الحدود من جريمة المشاركة الفعلية المباشرة في العمليات الإرهابية!. لا. ليست كل الأسلحة المستخدمة في الإرهاب «محلية الصنع».إيران وحزب الله وعصابات الزمرة الحاكمة بالعراق متهمة ومدانة بإمداد الإرهابيين بالأسلحة والمتفجرات، وهم يستخدمونها في عملياتهم، لذا فهم شركاء فيما يحدث على أرضنا من قتل وإرهاب!..». (هدهد سليمان).جزء كبير مما ورد في تعليق الأخ هدهد سليمان صحيح ومتفق عليه ويشكر عليه، وأعتقد من وجهة نظري أن الأسلحة المهربة لم تستخدم بعد، وأن ما استخدم هو مصنع محلياً، وأن الأسلحة المهربة ستستخدم في ساعة الصفر، وبضوء أخضر إيراني.من تعليق الأخ يتضح أن لا شيء يشغل المواطن أكثر من الأمن، مهما حاولنا أن نبتعد عن التطرق لموضوع الإرهاب «الذي يتحكم في وتيرة الأحدث كما يريد» إلا أن الأمن هو الذي يشغل الناس.بالأمس قرأت تغطية لخبر في الصحافة لحكم في المحكمة وقد استوقفني كثيراً وعجبت منه أكثر.الخبر يقول إن حكما صدر بحق خمسة متهمين بحرق الإطارات في الطريق العام، وقاموا برمي سيارة الأمن بزجاجات المولوتوف بقصد حرقها وحرق من فيها، مما تسبب بتلفيات في السيارة.الحكم الصادر ضدهم هو الحبس لمدة عام..!!لا أعرف هل هذا يستوي مع جرم الإرهاب، ورمي المولوتوف الحارق القاتل على رجال الأمن بقصد القتل؟هل هو ضعف في التشريع والقانون أم أن القاضي لم يذهب لأقصى العقوبة، لا أعلم، لكنه حكم لايستقيم مع الجرم الذي يفضي إلى «القتل العمد» والبلد يمر بحالة إرهاب منذ 3 سنوات، فهل هذه هي الأحكام التي نكافح بها الإرهاب؟الصورة الأكبر للأحداث هي إحساسنا كمواطنين أنه لا توجد سياسة قوية ضد الإرهاب من الأحكام القضائية، إلى حرق الإطارات ومداهمة الأوكار الإرهابية، وتقديم المحرض والممول للعدالة.مواعيد الإرهاب لن تتوقف، سيضرب مع كل فعالية عالمية وقد قتل أبناء البحرين مرة أخرى، وسيعود في الأوقات التي تعرفونها ونعرفها، وهذا يدل على أن لا سياسة دولة حقيقية، ولا استراتيجية لتفكيك الخلايا الإرهابية، حتى أصبحت لدينا مقاطعات للإرهاب.من هنا أعود وأقول، إننا نحتاج إلى استراتيجية كبيرة من بعد دراسة وافية من أصحاب الشأن، فما يتضح أن الاستراتيجية الحالية بها قصور مع استمرار القتل والتفجيرات.. هذه رسالتنا.