عنوان قد يرى فيه ضحايا الشعارات الإيرانية البراقة التي تظهر العداء للكيان الإسرائيلي أمراً يثير الاستغراب ولا يمكنهم تقبل مجرد التفكير فيه. غير أن الواقع لا ينتظر من هؤلاء المخدوعين إذناً بالموافقة أو الرفض فهم ليسوا سوى ضحايا أكلت عقولهم ماكينة الإعلام الإيراني وجعلت منهم أبواقاً تردد ما ينفخ فيها من شعارات جوفاء.إن النظام الإيراني استطاع خلال ثلاثة عقود ونيف من الزمن استثمار الشعارات المعادية للكيان الإسرائيلي عبر توظيف شرائح واسعة خارج إيران؛ شيعية وسنية، عربية وأعجمية، إسلامية وقومية، علمانية وليبرالية لصالح مشروعه السياسي وذلك بأقل الأثمان، حيث كانت وسيلته الوحيدة لخداع هذه الفئات والشرائح مجرد شعار «الموت لإسرائيل» وقليل من المال الذي أغلبه يأتي من تجارة المخدرات وفوائد غسيل الأموال المجهولة المصدر التي تنقل من وإلى أفغانستان وباكستان بواسطة شبكات المافيا الدولية التي تستخدم إيران محطة ترانزيت بموافقة أقطاب في النظام، وبهذه الأموال يتم تمويل بعض ما يعرف بحركات التحرر والجماعات المسماة بالمقاومة؛ والأحزاب والمؤتمرات القومية والإسلامية في لبنان وفلسطين والأقطار العربية والإسلامية الأخرى. في المقابل تقوم هذه الجماعات والمؤتمرات بترويج الشعارات الإيرانية المعادية للكيان الإسرائيلي في الساحات العربية والإسلامية رغم علم هذه الجماعات بأنها مجرد شعارات جوفاء لا صحة لها.لقد اعتاد النظام الإيراني خلال العشرين عاماً الماضية ومع كل رئيس جديد على تغيير خطاب سياسته الخارجية وفقاً للظروف السياسية الإقليمية والدولية. ففي عهد رئاسة رفسنجاني (1989-1997) مارس سياسة البراغماتية بأبشع صورها النفاقية حيث عمل على استثمار حرب الخليج الثانية وترك الحديث عن خطر الوجود الأمريكي في المنطقة التي طالما عارضه بشدة. وفي عهد رئاسة خاتمي (1997-2005م) تماهى كلياً مع مشروع ما يسمى بعملية السلام وأيد غزو أفغانستان والعراق من قبل أمريكا التي دأب على وصفها بالشيطان الأكبر. وعندما توقفت مفاوضات السلام ودخلت المنطقة في أزمة صراعات جديدة نتيجة تصاعد أعمال المقاومة الأفغانية والعراقية اتجه النظام الإيراني إلى تغيير الخطاب الإصلاحي في سياسته الخارجية من أجل ركوب الموجة ولهذا جاء بالمحافظ المتطرف أحمدي نجاد الذي ترك الحديث عن أمريكا التي احتلت بلدين مسلمين (أفغانستان والعراق) وأخذ بتصعيد خطابه الهجومي ضد إسرائيل التي لم تشارك عملياً في احتلال أي من أفغانستان والعراق، وذلك للتغطية على مساندة إيران الفعلية لأمريكا في احتلال هذين الدولتين المسلمتين. ورغم كل ما كانت تروجه ماكينة إعلام نظام جمهورية الولي الفقيه عن العداء الإيراني لإسرائيل إلا أن هذا الخطاب كان بعيداً كل البعد عن الموقف الإيراني من إسرائيل، فعلى سبيل المثال جرت عدة مشاركات إيرانية في مؤتمرات وندوات إقليمية ودولية اقتصادية وسياسية، حضرها الجانب الإسرائيلي وجرت لقاءات وجهاً لوجه بين مندوبي الطرفين وتم فيها التقاط الصور التذكارية. هذا ناهيك عن الصفقات التجارية التي جرت بينهما ومنها صفقت برتقال يافا وصفقات الأسلحة وغيرها.كما إن النظام الإيراني لم يمنع الإيرانيين اليهود من السفر إلى الكيان الإسرائيلي، بل بلغ الأمر حد السماح لليهود الإيرانيين بالتطوع في جيش هذا الكيان.فوفقاً لمجلة «بمحانيه» الأسبوعية الصادرة عن الجيش الإسرائيلي؛ أن أكثر من 50 يهودياً من أصل إيراني ينضمون سنوياً للجيش الإسرائيلي، منهم من ينضم إلى شعبة الاستخبارات الإسرائيلية. وأكدت المعطيات التي أوردتها ونقلتها وكالة أنباء «لأناضول» أن «60% من الشبان المولودين في إيران والقادمين إلى إسرائيل يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وبالمقابل فإنه فقط 23% من الإناث يلتحقن بالخدمة في الجيش الإسرائيلي، وقالت المجلة «تعتبر هذه النسبة عالية إذا ما قورنت مع معدلات المجندين في الخدمة العسكرية الإسرائيلية من الفئات الأخرى في المجتمع». ورغم التكتم المفروض على أعداد اليهود الإيرانيين الذين يصلون إلى الكيان إسرائيلي سنوياً، أو عددهم حالياً في إسرائيل إلا أن مجلة «بمحانيه» قالت إن عدد اليهود الإيرانيين الذين وصلوا إلى الكيان الإسرائيلي العام الماضي بلغ 110 أشخاص.علماً أن هناك يهود إيرانيين اعتلوا مناصب في جيش الحرب الإسرائيلي وفي هرم السلطة السياسية للكيان منهم الرئيس الإسرائيلي السابق «موشيه كساف» المولود في مدينة يزد وزميل الدراسة في المرحلة الابتدائية للرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي. ومنهم أيضاً الرئيس السابق لهيئة أركان جيش الحرب الإسرائيلي ووزير الدفاع الأسبق «شاؤول موفاز» المولود فى مدينة أصفهان المركز الرئيس لليهود في إيران. وعلى رغم أن هؤلاء اليهود الإيرانيين يخدمون في جيش يفترض أنه معاد لإيران من وجهة نظر نظام جمهورية ولاية الفقيه فإن هذا النظام لم يسقط الجنسية الإيرانية عن أي من اليهود الإيرانيين المجندين في جيش الحرب الإسرائيلي.فما هو تفسير دعاة الممانعة وأتباع الولي الفقيه لهذا الموقف الإيراني المخادع؟!