في عام 2011 زار جلالة الملك المفدى تركيا، وكانت هذه الزيارة، ضمن استراتيجية المملكة في الانفتاح على الحلفاء الجدد، وكانت هذه الزيارة من أوائل الزيارات التي قام بها جلالته ضمن جولته الدولية.لتركيا طابع خاص، فهذا البلد الأوروبي الطموح له خصوصيته بالنسبة للخليج والوطن العربي، فتركيا التي خاضت عدة تحولات إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن تعد من ركائز العالم الإسلامي، وإن كانت هناك مواقف قد نختلف معها أو نتفق فيها، إلا أن الحقيقة تقول إن التحالف التركي الخليجي يعطي قوة أكبر للعالم الإسلامي والعربي الذي يمر بتحديات كبيرة.كما أن تركيا من أوائل الدول السباقة في نصرة مملكة البحرين إبان الأزمة، ولها مواقف مشهودة لا يمكن لنا كبحرينيين أن ننكرها لهم، فقد كانت وقفتهم وقفة صادقة في وجه المخططات التي حيكت ونفذت ضد المملكة.ورغم الخلاف الذي جرى مع دول الخليج بسبب مصر بطبيعة الحزب الحاكم، إلا أن هذا لا يعني أن الموضوع انتهى على ذلك، بل على العكس، إن تصريحات السيد رجب طيب أردوغان تجاه الخليج أمس الأول تحمل في طياتها العديد من الرسائل، يجب أن نتوقف نحن في الخليج أمامها جيداً ونفهما بعمق، إضافة إلى ذلك، فإن الحديث يجري حالياً في تركيا عن زيارة مرتقبة من أردوغان إلى المملكة العربية السعودية قد تعيد رسم السياسة في المنطقة.إن الزعيم التركي أردوغان، ليس زعيماً عادياً، ولا نعني هنا أنه رمز مقدس لا يمكن نقده، بل نتحدث عن ظاهرة الحكم الرشيد التي تتمناها الدول الإسلامية قاطبة، فمنذ تولي أردوغان للسلطة تميزت تركيا بحجم الصادرات الهائل حيث وصلت قيمة الصادرات التركية إلى 152 مليار دولار - أي عشرة أضعاف قيمة الصادرات التركية قبل تولي أردوغان السلطة - وتمكنت تركيا في عهده من الوصول إلى المرتبة الـ17 على قائمة أقوى الاقتصادات في العالم، بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي، حيث أظهرت الأرقام وصول الناتج المحلي الإجمالي في تركيا إلى نحو ثلاثة أرباع تريليون دولار في هذه الفترة أي أنه ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل العام 2003.أضف إلى ذلك، أن الشيء المهول هو أن تركيا أصبحت ثاني أكبر دولة في قطاع الإنشاءات بعد الصين، ولا أخفي سراً لو قلت إن المقاولين الذين يتولون توسعة الحرم الشريف الآن هم أتراك.بسبب ذلك، يقول المناهضون لأردوغان الذين استطلعت آراؤهم في تركيا، إننا لم نصوت لأردوغان، ولكن صوتنا لبرنامجه، فهو الرجل الذي أعاد إلى تركيا حياتها، وأعطى المواطن التركي قيمته.إن الحزب الحاكم في تركيا حقق أعلى نسبة في الانتخابات السابقة، وأعادت هذه الخطوة الاستقرار في تركيا ومكنت أردوغان من زمام الأمور بتجديد الشرعية.لذلك، فإن تركيا أصبحت مثالاً حياً للنهضة، فهي بلد تمتلك مقومات كبيرة بوأتها أن تكون رقماً قوياً على الساحة، الأمر الذي زاد من عدد أعدائها.ورجوعاً إلى موضوع العلاقات الخليجية التركية، فإن هناك مصالح اقتصادية وسياسية تحتم على دول الخليج أن تعيد ترتيب علاقاتها مع تركيا، فإيران ليست أولى من تركيا ليقوم الخليج بالتقرب إليها أكثر من تركيا!.. والحديث هنا ذو شجون.