ما أن تحل ليلة الخميس حتى تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالرسائل المبتهجة باقتراب إجازة نهاية الأسبوع. وما أن تحل ليلة السبت حتى تنهمر رسائل التعازي بانتهاء الإجازة وقدوم أيام العمل الثقال. وكانت أطرف رسائل هذا العام رسائل إجازة يوم العمال التي صادفت يوم خميس، حيث اكتست التعبيرات طرافة لتشبيهها الأربعاء بالخميس الذي غير جلده وصار هو الآخر ليلة إجازة. فأطلقت النكات التي تصف الأربعاء بالمتنكر في قناع الخميس، أو الذي زاد عمره يوماً.البحرين، ودول الخليج عامة، من الدول التي يكثر عدد أيام الإجازات فيها، حيث يحصل الموظف الحكومي والعديد من موظفي القطاع الخاص على يومي إجازة أسبوعية، و15 يوماً إجازة رسمية وثلاثين يوم عمل. كما إن ساعات العمل الرسمية ليست طويلة، ومع هذا فنحن من دول العالم النامية المصنفة بمحدودية الإنتاج ومحدودية ساعات العمل المنتجة فعلياً. في الدول المتقدمة مثل اليابان وأمريكا يحظى الموظف بأيام إجازة قليلة، وفي المقابل فإن معدل إنتاجه في ساعات العمل مرتفع. ومعدلات التنمية الوطنية مرتفع. ومن طرائف تلك الشعوب أن الحكومة اليابانية اضطرت إلى تشجيع الموظفين على الحصول على إجازات والاسترخاء فيها من أجل الحفاظ على صحتهم النفسية، ثم اضطرت لإجبارهم على الخروج في إجازات بسبب رفضهم الخروج طوعاً في إجازات!!لماذا صرنا لا نتحمس للذهاب إلى أعمالنا؟ لماذا صرنا نعد الأيام في انتظار الإجازات؟ أسئلة يجب أن نتوقف أمامها بجدية. هل السبب طبيعة الأعمال في بلادنا وطبيعة القوانين والأنظمة الروتينية الطاغية على نمط أعمالنا؟ هل لدينا مشكلة في العلاقات الاجتماعية أو العلاقات الوظيفية مع زملائنا ورؤسائنا؟ هل لدينا مشكلة في تنشئتنا المهنية وفي قيمنا الوظيفية؟ثم هل يمكن ابتكار وسائل تحفز الموظفين على الاستيقاظ مستبشرين باللحاق بأعمالهم؟ أظن أن توجهات الموظفين النفسية نحو أعمالهم من أهم المقاييس لتقييم الوضع الوظيفي لأي مؤسسة ولأي بلد. ففي السابق كان السأم من الوظيفة سمة فردية يتميز بها كسالى الموظفين. أما الآن فقد صارت عدوى تنتقل كالفايروس بين الجميع ويصعب مقاومة انتشاره.عموماً أنا شخصياً ككل الموظفين أنتظر الخميس لأحتفي بانقضاء ساعاته الخفيفة على القلب مثل النسائم. وأنام ليلة الأحد على غير المشاعر المتفائلة التي نمت بها ليلة الجمعة. وكم أكون مدينة لذاكرتي حين أنسى تاريخ إحدى الإجازات ويفاجئني أحدهم بأن هذا الأسبوع يتضمن يوم إجازة.