خضنا الكثير من النزالات الصحافية والإعلامية ضد بعض المؤسسات الرسمية وغيرها من أجل كشف المستور وتوضيح بعض مواقفنا الصارمة من الفساد الإداري وغيره، للوقوف على بعض الأخطاء للتصحيحها، لكن في غالب الأحيان، تظل الشكاوى حبيسة أدراج العلاقات العامة، مما يعني صحة كل دعواتنا التي نطلقها في سبيل تصحيح المسارات المعوجة في مؤسسات تعج بالتقصير واللامبالاة، وإلا لو كان غير هذا هو المتوفر لرأينا هذه المؤسسات تتفاعل مع الإعلام ولو من باب المجاملة، أو لرغبة صادقة منها للتغير.حالة واحدة تم اكتشافها من قبلنا والتي يأتي فيها الرد سريعاً وخاطفاً كالبرق من طرف تلك المؤسسات المقصرة في حق الناس، هي الحالة التي يتم فيها انتقاد أداء الوزير وليس شخصه. فحين ننتقد وزيراً من الوزراء يرتفع مستوى تحرك الوزارة في ذلك اليوم إلى مستوى «الطوارىء»، فلا يظل موظفاً أو «كويتباً» إلا جند في خدمة الدفاع عن الوزير، وكأن الأخير نبي مرسل، أو كأن الأول من أشد المتزلفين والمتملقين للحصول على رضا الوزير المقصر.من المعيب ونحن نعيش في القرن الـ 21 أن نجد علاقات عامة وجوقة من الموظفين الأعزاء يظل كل همهم إرضاء سعادة الوزير وجبر خاطره، أما حين يتعلق الأمر بالمواطنين أو بمستوى تطوير أداء مؤسساتهم يكون «التطنيش» هو الرد «غير اللائق» من طرف إدارات العلاقات العامة وموظفيها.في حديث لا يخلو من الطرافة والألم جرى بيني وبين أحد الإخوة الإعلاميين في البحرين، حول عدم تفاعل إدارات العلاقات العامة والإعلام حول ما ينشر في الصحافة اليومية ووسائل الإعلام، أو ما يكتبه أصحاب المقالات في تلك الصحف، اقترحت على شقيقي الإعلامي حلاً ظريفاً ومنتجاً في ذات الوقت، فقلت له: إذا أردت أن ترد عليك المؤسسة المعنية بالتقصير بداية من «فراشها» وانتهاء بأكبر المديرين فيها، ما عليك سوى أن تنتقد الوزير المسؤول إدارياً عن التقصير في بداية حديثك، حتى ترى الرد يأتيك من كل الجهات دفاعا عن الوزير، وليس دفاعاً عن الوزارة أو ما تقدمه من خدمات سيئة للمواطنين.. «جرب وشوف».حين تكون قيمة فرد أهم من قيمة مجتمع، فاعلم أنك تعيش في بيئة غير صالحة، وحين تدرك أن قيمة الوزير الذي تقدم وزارته أسوء أنواع الخدمات، ومن ثم يكون الرد من طرف حاشيته بالحق أو الباطل منافحاً عنه، حتى من دون معرفة حقيقة الأمور فهذه كارثة، لأن اللباقة والحضارية تلزمنا أن ننقد الأخطاء مهما كان مصدرها، لا أن نقوم بتجميلها وبتمجيد الرجل المسؤول عنها.لا يعني انتقادنا للوزير -أي وزير- كان هو انتقادنا لشخصه الكريم، فنحن لا نملك عداوات شخصية مع أحد، وكذلك لسنا بصدد خلق معارك مع أفراد أو مؤسسات رسمية وغير رسمية، بل كل عداواتنا تتجه نحو التقصير والفساد، وهذا ما لم يفهمه غالبية العاملين في سلك العلاقات العامة والكثير من موظفي مكاتب بعض الوزراء الموقرين.دعونا نتوجه نحو تصحيح الأخطاء، ونتألم مع هموم الناس حين نكتب، كما من المهم أن تستأسدوا في الرد على الأخطاء التي نطرحها على أوراق الصحف اليومية حين يتفشى التقصير والفساد، من أجل تصحيح مسار أداء المؤسسات الرسمية بقدر تدافعكم الكبير للدفاع عن شخص الوزير الذي في الأساس، نحترمه أكثر منكم جميعاً، ولهذا ننقده بروح المحبة وبطريقة مهنية راقية، لا ننتقص من قدره ولا نخرجه من المنظومة الرسمية للدولة، فهل ستتوفر من الآن فصاعداً عناصر تعمل في العلاقات العامة تدرك هذه المعاني المغيبة؛ أم سيتحول غالبية من يعملون في هذه الإدارات كمكائن لتلميع الأخطاء وتحسين صورة الوزير فقط؟