الحديث عن عدم قدرة «السياسيين الجدد» الذين أدخلوا أنفسهم عنوة في عالم السياسة وعن إخفاقهم في قراءة الساحة والمتغيرات الإقليمية والدولية بات ضرورة، ذلك أن السكوت عن هذ الأمر الفضيحة يؤثر سلباً على الحياة في البحرين ودول التعاون، فلتلك القراءات الخاطئة تداعيات خطيرة، ذلك أن البسطاء الذين هم وقود النار التي تم إشعالها يتحركون بناء على تلك القراءات الخاطئة، فيمارسون أفعالاً لا ينتج عنها إلا المضرة والأذى.القراءة الخاطئة من قبل هؤلاء هي بالنسبة لأولئك المغلوبين على أمرهم والمستغلين استغلالاً فاحشاً ليكونوا في وجه المدفع هي المرشد والملاح الذي يدلهم على فعل ما ينبغي فعله.الدليل على إخفاق السياسيين الجدد في قراءة الساحة هو استمرارهم في نشر التهديدات وترديد تلك الأقوال «اللي ما هم قدها» والتي تحتويها بياناتهم الكثيرة وتصريحاتهم وتغريداتهم التي لا تنتهي، وإلا هل يستطيع هذا النفر الصغير عديم الخبرة والحكمة، والذي تغيب عنه ألف باء السياسة من إسقاط نظام يقوده متمرسون في الحكم وخبراء وتربطهم بدول المنطقة وبمختلف دول العالم علاقات متميزة ومصالح؟ وهل يستطيع هؤلاء الذين لا يعرفون «كوعهم من بوعهم» في عالم السياسة قيادة ثورة وهم لا يعرفون معنى هذه المفردة؟ ليس الحديث هنا عن الجمعيات السياسية التي تمتلك خبرة وتجربة ولديها رؤية وتصور وتعرف كل مكونات اللوحة، فهذه الجمعيات سواء اختلفنا معها في بعض ممارساتها ومواقفها أو اتفقنا، فإنه لا يمكن إنكار تجربتها واحتوائها على عناصر يشهد لها بالتميز والباع الطويل في عالم السياسة.الحديث هنا هو عن أولئك الذين أقحموا أنفسهم في السياسة وهم لا يعرفون هذا الفن، ولا تساعدهم أحجام عقولهم على استيعاب ما يدور، فتأتي قراءاتهم بالضرورة خاطئة، تلك القراءات التي تعتمد في كثير من الأحيان على من لا معرفة له بالساحة المحلية ولا يدرك تفاصيلها.هذا الحديث يجر إلى تناول مسألة الخلط الحاصل في العمل السياسي الذي تمارسه الجمعيات السياسية، ولا يخرج عن محاولات الإصلاح وبين ممارسات السياسيين الجدد الذين يرفعون راية إسقاط النظام عبر خلق حالة الفوضى التي تتيح فرصة لتدخل الأجنبي في لحظة معينة. من هنا فلا يستغرب استمرار السياسيين الجدد في عمليات التخريب وخلق الفوضى وعمل كل ما يعتقدون أنه قد يزعج السلطة ويؤلب المواطنين عليها، فهؤلاء رهينة عقول صغيرة وخبرات فقيرة وتصورات حالمة وخيالات لا مكان لها في عالم السياسة، وإلا كيف لمجموعة صغيرة أن تدعي أنها الشعب وأنها تمثله وتتحدث باسمه؟ وكيف لها أن تواجه نظاماً لا مجال للمقارنة بين ما يملك وما تملك؟ وكيف لها أن تقنع العالم بأن ما تقوم به من ممارسات لا تليق إلا بالمراهقين ثورة وأنها هي المعارضة؟هنا ينبغي أن تتسع صدور الجمعيات السياسية لشيء من النقد، ذلك أنه ليس منطقياً سكوتها عن هذا «المنافس» الذي لا يفعل شيئاً سوى تخريب سمعتها والتأثير على تاريخها وحصرها في زاوية ضيقة تقلل من شأنها ومن مكانتها في المجتمع ومن علاقتها مع الدولة، والتي يفترض أنها جزء منها، كونها تعمل تحت مظلة القانون وتتكامل معها. المؤسف أن الجمعيات السياسية وتحديداً المحسوبة على اليسار، والتي تتفوق من حيث الخبرة على الجمعيات الإسلامية، لم تفعل شيئاً إزاء كل هذا الذي يمارسه السياسيون الجدد، ولم تفعل شيئاً يعينهم على تبين أن قراءاتهم للساحة المحلية والإقليمة وتطورات الأحداث فيهما خاطئة وذات مردود سلبي عليهم وعلى الجمعيات السياسية وعلى كل من يمكن أن يدرج اسمه في قائمة «المعارضة». هذا يعني أن على الجمعيات السياسية أن تقوم بدور يحفظ لها تاريخها، فأعضاؤها ليسوا من السياسيين الجدد.
Opinion
فضيحة السياسيين الجدد
14 يونيو 2014