فعلاً العروبة تنتحر لأسباب طائفية، فهي تنخر بلاد العرب من الشمال السوري إلى الجنوب العراقي، وتطرق أبواب دول الخليج العربية اليوم نحو مستقبل غير معروف وغامض إذا تم تجاهل ناقوس الخطر. هذه النظرة لم تكن غائبة تماماً خلال لقاء معالي وزير الداخلية بمجموعة من فعاليات المجتمع للحديث حول الشؤون الأمنية، وهو حديث لم يكن عادياً كعادته، خاصة أنه جاء في وقت دقيق يبحث فيه الجميع عن الأسئلة الصريحة بلا مجاملات أو مواربات. الخطر الطائفي لا يهدد البحرين أو بعض الدول اليوم، وإنما يهدد المنطقة برمتها، ولابد من التحرك والتكاتف. الصراع على الهويات في المنطقة صراع مقيت لا مكان له في الخليج العربي أو حتى في البحرين التي عُرفت بتعايشها وتنوع مكوناتها. وبات مكشوفاً حجم التدخلات التي عانت منها المنطقة، وينبغي الاستفادة سريعاً من الدروس والعبر لما أدى إلى ما عانت منه المملكة طوال السنوات الماضية، والبناء عليها حتى لا تتكرر تلك الأحداث مرة أخرى مستقبلاً. حكمة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله قادت البحرين بتكاتف شعبها مع جلالته إلى بر الأمان، وإلى ظروف أفضل بكثير رغم التحديات الصعبة التي مرّت. وكما قال الوزير، نحن أمام «مرحلة تضميد الجراح وليس فتحها من جديد»، وهذه المرحلة تتطلب مزيداً من التقارب بين الجميع، وتتطلب مسؤولية وطنية كبيرة تدفع كافة مكونات المجتمع إلى النظر بثبات نحو مستقبل مختلف بعدما صارت مؤشرات التعافي واضحة.ومن يبحث عن مستقبل أو دور أو يحمل طموحات فلا يمكن أن يفرضها على الآخرين، بل عليه أن يتشارك مع الجميع فيها، فالوطن للجميع، والتحديات مشتركة وإذا طالت ستطال الجميع، ولا يمكن أن يتم تجاهلها دون عمل وطني جاد قدم معالي وزير الداخلية خطوطاً هامة منه.