إذا تكلمنا بصراحة وبدون لف ودوران؛ فسنقول يقيناً أن العام الحالي 2014 عام مفصلي بالنسبة للمملكة في نواحٍ عديدة، بل إن نجاح أو فشل المخططات في هذا العام سيحد د صورة المملكة وخارطتها السياسية للسنوات المقبلة.لا يمكن أن يقول أي شخص يحاول أن يقدم تحليلاً سياسياً أن المملكة ستكون على الصورة الفلانية العام المقبل، حيث إن ذلك يعتمد على مجموعة من المعطيات والحوادث، تشكل في مجملها توصيفاً لحالة سياسية تعيشها المملكة، من الممكن من خلالها أن تستشرف ماذا يمكن أن تكون عليه في المستقبل.أول هذه الأمور أن الانتخابات المقبلة هي تحدٍّ كبير أمام المملكة، وبمراجعة الاثنتي عشرة سنة الماضية، نستطيع الجزم أن هذا التحدي لا يشكل قلقاً كبيراً، إذ إن هناك تجارب سابقة لا تختلف كثيراً في معطياتها عن الوضع الحالي، نجحت فيها الدولة في معركة الانتخابات، ولكنها تحتاج لقليل من التعبئة المجددة التي تقنع الناخب بمدى أهمية صوته الذي سيدلي به رغم الإحباطات.إن تحركات الدولة لتهيئة الأجواء، الإعلامية والسياسية توحي أن هناك اتفاقاً على إبعاد الشخصيات «التأزيمية» -من وجهة نظر كل طرف- التي برزت عام 2011؛ وذلك لخلق أجواء «إيجابية» على الساحة السياسية، كما إن التغير الكبير في المصطلحات المستخدمة لدى الزعماء السياسيين له مدلولاته العميقة في طبيعة الاتفاقات الجارية.وأول تمهيد لما نتحدث عنه أعلاه، هو الاتفاق الثلاثي الذي أفضى إلى سحب الشكوى العمالية في جنيف، فهي بمثابة الانطلاقة التي من الممكن أن تأتي بعدها توافقات مشابهة على مستويات أخرى، وكما نعلم أن اتفاقاً مثل هذا لا يمكن أن يحدث إلا باتفاق الأقطاب الكبرى.كما نعلم أن هناك أطرافاً ثلاثة للحوار، رغم إصرار الوفاق على طرفين فقط، إلا أن هناك حراكاً لافتاً قد حدث منذ مدة بسيطة أثناء الاتفاقية الثلاثية، وهي الاتفاق الذي تم بشأن استمرار الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كممثل شرعي للعمال، رغم إصرار شارع الفاتح على إدخال الاتحاد الحر كبديل.. الأمر الذي ينبئ بمزيد من الاتفاقات التي قد لا تكون مرضية لشارع الفاتح.على المستوى الخارجي؛ فإن تغيير السفير الأمريكي الحالي ينبئ بصفحة جديدة تود الولايات المتحدة فتحها مع الخليج، وذلك بعد زيارة أوباما إلى الملك عبدالله مؤخراً.. وجاء تصريح السفير الأمريكي الأسبق لدى المملكة بانتقادات لاذعة لسياسة أوباما مع أزمة البحرين ووصفه له بالغباء لتحدث نوعاً من الارتياح على أن هناك سوء فهم قد وقع وسيتم تلافيه، وبالطبع لا أستبعد أن أوباما شخصياً هو من صاغ للسفير السابق الانتقادات التي وجهها لشخصه.العام 2014 سيكون مختلفاً عن العامين السابقين، والواضح -خاصة بعد التصريحات الملكية- أن هناك اتفاقات تجري على مستوى عالٍ لترتيب المنطقة ككل، ولا أستبعد أيضاً أن يكون هناك حراك استثنائي في سوريا هذا العام يخرجها من الحالة الحالية إلى حالة تكون أشد تعقيداً.