مؤخراً صدرت عن «الوطن» رواية فريدة من نوعها بعنوان «تجار الجثث» ألفها الصحافي الشاب محمد لوري بعد أن استوحى أفكارها من خلال زياراته للحدود التركية السورية لتقديم مساعدات شعب البحرين للشعب السوري. هناك تحديداً شدت الأحداث الكاتب الشاب وقرر أن يكتب روايته الأولى ويخوض عالم الرواية بعنف بعد معاناته مع الاستفزاز الذي يتعرض له شباب الخليج عندما يتم تجنيدهم للمشاركة في القتال هنا باسم الدين والحور العين. دائماً ما كان يحدثني عن تجنيد شباب الخليج والتغرير بهم هناك من قبل شخصيات وجماعات متطرفة، والمؤلم في نفسه أن بعضاً منهم كانوا معه أيام المدرسة. كل هذا المشهد دفعه لكتابة روايته الأولى التي كانت من أكثر الكتب مبيعاً في معرض البحرين الدولي للكتاب، وشارفت طبعتها الأولى على النفاد. اليوم لا يختلف المشهد السوري كثيراً عن نظيره البحريني عندما نتحدث عن تجارة الجثث؛ فهذه التجارة رائجة في الخليج بين من يقدم الجنة للشباب من أجل القتال في الأراضي السورية، وبين حكومات وجماعات ورجال دين متطرفين يجندون الشباب للانخراط في الجماعات الراديكالية وممارسة الإرهاب، فصاروا محترفين في صناعة القنابل المتنوعة وتكتيكات حرب اللاعنف في البحرين. النار اشتعلت في سوريا وطالت شباب الخليج عندما تم توريطهم بها، والآن أيضاً اشتعلت النار في البحرين وطالت فئة من شباب البحرين عندما تم توريطهم بالإرهاب. والضحية في الحالتين هم الشباب الذين يفترض أن يكون مكانهم قاعات الدراسة في المدارس والجامعات أو حتى الانخراط في سوق العمل والسعي لبناء مستقبلهم. تجار الجثث مازال ضميرهم نائماً عندما ورطوا الشباب في أعمال العنف والإرهاب في الشوارع، ثم انتقلوا بهم إلى مرحلة القنابل المفخخة التقليدية وتلك المفخخة التي يتم تفجيرها لاسلكياً. فكانت النتيجة ضحية تلو الأخرى بالقنابل التي صنعوها، حتى احتار تجار الجثث وباتوا يروجون أن السلطات الأمنية قامت بتصفيتهم في خطوة لا تحترم الضحايا الذين جندتهم ولا تحترم حتى ذويهم الذين صاروا يعانون الآن من فقدانهم لأبنائهم بسبب هؤلاء التجار. تجار الجثث كما قلنا، ليسوا في سوريا فقط، وإنما هنا في البحرين عندما يستغلون المنبر الديني ويعلنون بأنهم «لن يسكتوا أكثر» على المطالبة بما أسموه الحقوق، ولكن الحقيقة أنهم لن يتوقفوا عن تجارة الشباب وتقديمهم قرابين الواحد تلو الآخر، والضحية هم الشباب لا أكثر.
Opinion
تجار الجثث من سوريا إلى البحرين
21 أبريل 2014