إيجابي جداً أن يكون التفاعل مع يوم الصحافة العالمي وتقدير دور الصحافة الوطنية المخلصة من قبل قيادة البلد بالمستوى الذي شهدناه، وعبر اهتمام جلالة الملك حفظه الله وتأكيده على دور الصحافة، إضافة للتقدير البالغ الذي يكنه سمو رئيس الوزراء -حفظه الله- الذي لا يخفي أبداً اهتمامه واحترامه وتقديره لدور الصحافة، بالأخص دورها في الأزمة التي عصفت بالبحرين ومازالت تداعياتها مستمرة، وهي بدورها تبادل سموه هذا التقدير والاحترام.الصحافة الوطنية المخلصة في البحرين لعبت دوراً محورياً في منعطفات هامة ومؤثرة تعرضت لها بلادنا العزيزة، وكان للصحافة دور قوي في الرد على الأكاذيب والتضخيم وفضح المخططات المشبوهة، كما كان لها دور في تنوير الرأي العام وجمع المخلصين على كلمة سواء وعلى ثوابت لا يمكن التفريط بها، لأنه بمجرد المساومة فيها فإننا نساوم على كيان بلد ومصير أهله.وخير ما تفعل جمعية الصحافيين البحرينية من خلال حراكها النشط خلال السنوات الماضية، وتتويج ذلك بحفل يوم الغد الذي سيتم فيه تكريم رواد الصحافة البحرينية ومن كانت لهم بصمة مؤثرة في تطويرها وتعزيز دورها طوال عقود مضت.بيد أننا نحمل كلمة هي بمثابة النداء لقيادتنا العزيزة، ممزوج بهموم صحافية وشجون نبثها هنا وعلى الهواء مباشرة. فرغم أننا نقدر أشد التقدير هذا التعاطي الإيجابي والتقدير المعنوي الذي تقدمه القيادة وتأكيداتها على دور الصحافة وكونها رافداً من روافد عملية الإصلاح والتصحيح، والأهم كونها سلطة رقابية تكشف الأخطاء وتمثلها بالموصل الجيد لصوت الناس وهمومهم ومشاكلهم، إلا أننا نرى بأن التقدير لهذا الدور الذي تلعبه صحافتنا مازال يبحث عن الكمال، وهنا نتحدث عن أهم دور تلعبه الصحافة ويفترض أن تهيئ له الأرضية ليقوى ويزدهر، ونعني بالتفاعل الإيجابي مع ما تطرحه والتعامل معه بجدية.في نظرنا المتواضع أن أكبر تقدير للصحافة الوطنية لا يتمثل بالتكريم والإشادات التي هي محل اعتزاز فقط؛ بل يكتمل هذا التقدير حينما يبنى على ما تطرحه الصحافة، حينما يتم التعامل بسرعة واهتمام مع المشاكل التي تتطرق لها، والتي هي أصلاً مشاكل معنية ومرتبطة ارتباطاً بالناس وهمومهم وتطلعاتهم.يومياً تطرح الصحافة مشاكل الناس، تشير لقضاياهم، تحاول قدر المستطاع إيصال نداءاتهم للمسؤولين والمعنيين. يومياً تتطرق الصحافة لجوانب فيها خلل وأخطاء تحتاج لحل وعلاج، ويومياً تقترح الصحافة من خلال الآراء والتحقيقات والاستطلاعات حلولاً وأفكاراً هدفها التغيير نحو الأفضل، هدفها دعم مسيرة الإصلاح والتطوير.لو تم الأخذ بكل ما تطرحه الصحافة بعين الاعتبار، لو تم التدقيق في كل ما ينشر بالأخص المعني بمشاكل وهموم الناس والعمل على الفور على حلها والوصول لأصحاب المعاناة والهموم، لكنا بذلك نحقق إنجازاً يحق لنا أن نفخر به، ويحق للصحافة أن تتحدث ورأسها مرفوع بأنها بالفعل سلطة رابعة، وأنها بالفعل أداة بناء وأنها بلا منازع «صوت الناس» و«نبض الشارع».لا نقول إن هذا التفاعل غير موجود، بل هو موجود بقوة؛ لكن من قبل القيادة وكبار المسؤولين، وعلى رأسهم جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء، والأخير أحرص ما يكون على متابعة الصحافة والاهتمام بما تنشره يومياً، خصوصاً إن تعلق بهموم الناس، وكثيرة هي الأمور والمعضلات التي تم تيسيرها على الناس سواء حالات إنسانية أو علاج أو مشاكل فقط لأن الصحافة أبرزتها ونشرتها.لكن ما نريده أكثر ويتمثل بإلزام كبار المسؤولين في الدولة من وزراء ومن هم أدنى بالتفاعل الإيجابي مع الصحافة، والأهم التفاعل الجاد مع الهموم التي تطرحها. هناك بعض المسؤولين يتفاعلون لكن بأسلوب خاطئ، يتعاملون مع الصحافة وكأنها ند أو خصم، بدلاً من فهم الرسالة الصحافية على حقيقتها بأنها -أي الصحافة- يمكن أن تتحول لأداة إسناد لعمل هؤلاء المسؤولين، مرآة كاشفة عن الأخطاء، وأفضل خط لتوصيل صوت الناس لمن يعنيه الأمر.لا أحد يمكنه إنكار أن الصحافة والإعلام بوسائله المختلفة باتت جزءاً متأصلاً من حياة المجتمعات، وأنها وريد رئيس في عمل أي دولة، وأن ما تنشره له تأثيراته المتباينة على المجتمع، وعليه فإن التعاطي الإيجابي مع الصحافة هو أعلى وأرقى مستوى من التعاطي يمكن أن ينتهجه أي مسؤول.وبمناسبة هذا التقدير والكلام الرائع من قيادة البلد بحق الصحافة، نتمنى أن يتوج هذا التقدير بتقدير أكبر من خلال توجيه المعنيين بأخذ الصحافة وما تنشره على محمل الجد وأن يولوها جل اهتمامهم خاصة وأنها تتضمن آهات الناس وصرخاتهم، كما نتمنى بأن يفك قيد قانون الصحافة الأسير منذ أكثر من عقد من أروقة البرلمان، فلا يعقل أن يكون في البحرين قوانين عديدة صادرة، حتى تلك المعنية بتربية الحيوانات الأليفة كمثال، وألا يكون للصحافة قانونها الفاعل المشتغل به على أرض الواقع.الصحافة الوطنية المسؤولة المحبة لوطنها تقدر هذه الإشادات والتكريم، وبودها في المقابل أن تساهم بشكل أكبر ومؤثر في مسيرة الإصلاح عبر مساهمتها في تغيير واقع الناس إلى الأفضل ومحاربة الظواهر الخاطئة وكشفها ليتم إحلال الإيجابي والصحيح محلها.