«دعونا نستفيد من شهر رمضان بالشكل الذي أراده لنا رب العباد، فهو شهر أكرمنا الله سبحانه وتعالى به كي نتفرغ للعبادة طلباً للمغفرة والعتق من النار»، هذا هو ملخص الرسالة التي يريد كل مواطن ومقيم أن يبعثها إلى مدبري ومنفذي أعمال الفوضى والتخريب، وهي عبارة عن دعوة للتوقف عن تلك الممارسات التي تؤذي الناس وتربك حياتهم خلال الشهر الكريم، والتي لم تتوقف خلال رمضان السنوات الثلاث الأخيرة ولم تسفر عن مفيد لفاعليها، فهل نشهد هذا العام رمضاناً هادئاً ينعم فيه الجميع بالاطمئنان على حياتهم وصومهم ويعيشونه كما يفترض أن يعيشوه؟ حسب المعطيات فإن الجواب هو «لا»، خصوصاً أن بعضاً من ذلك البعض يعتبر شهر رمضان فرصة لتنفيذ المزيد من تلك الأعمال مستغلاً انشغال الناس بالصوم نهاراً وبالصلاة والتواصل الاجتماعي فيما بينهم ليلاً «ربما طمعاً في مزيد من الأجر والثواب»!المسؤولية هنا تقع بالدرجة الأولى على «رجال الدين» الذين عليهم عبء تبصير أولئك الذين استمرؤوا تلك الأعمال حتى لم يعودوا يدركون ما يفعلون، فيخصصون خطبهم ومجالسهم لبيان أهمية هذا الشهر وأهمية أن يحظى فيه الصائمون بالراحة والهدوء وبيان أن هذا حقهم كي يتمكنوا من القيام بواجبهم فيه ويكسبوا الأجر والثواب. والمسؤولية تقع أيضاً على «رجال المعارضة» في الداخل والخارج كي يبينوا لأولئك -عبر ما يمتلكون من وسائل إعلام وتواصل- أن التوقف عن تلك الأعمال التي لا يمكن نعتها سوى بالفوضى والتخريب لا يؤثر على «الحراك»، حيث يمكنهم أن يستأنفوها بعد عيد الفطر، ولهم أن «يقضوا» عن الأيام الثلاثين التي ارتكبوا فيها «إثم» التوقف عن ممارسة تلك الأعمال!كل المبررات التي يمكن لهؤلاء وأولئك أن يسوقوها كي لا يتوقفوا عن تلك الممارسات الخطأ لا قيمة لها ولا يمكن قبولها، فنحن في شهر الله وفي ضيافته سبحانه وتعالى، والأولى من كل تلك الممارسات ممارسة ما ينفعهم في الآخرة وما يسهم في تقريب وجهات النظر والدفع نحو التهدئة أملا في الوصول إلى حلول مناسبة تخرج البلاد من هذه الأزمة التي عطلت إسهامها في الحياة وفي الحضارة وفي كل مجال.كل الممارسات -السلمية وغير السلمية- يمكن تأجيلها إلى ما بعد شهر رمضان من دون أن يكون لهذا أي تأثير سالب على «الحراك»، فالحراك الذي يتأثر بالتوقف في شهر رمضان المخصص للعبادة لا قيمة له ولا يستحق أن يضحى الناس بأنفسهم من أجله. في المقابل ينبغي على الحكومة أيضاً أن تتخذ بعض الخطوات العملية التي تصب في هذا الاتجاه وتقلل من نسبة التوتر خلال هذا الشهر الكريم كي تكون سبباً في تفرغ الناس للعبادة والظفر برضوان الله، فهناك الكثير مما يمكن أن تفعله في هذا الشهر من دون أن يؤثر على مكانتها أو يقلل من هيبتها أو يظهرها بمظهر غير مظهرها الحقيقي.التوصل إلى الوضع المنشود في شهر رمضان المبارك من شأنه أن يوفر الجو المعين على الولوج إلى حيث يمكن اتخاذ قرارات عملية تهيء الساحة للمرحلة المقبلة التي ستشهد انتخابات نيابية وبلدية جديدة، وقد تشهد تغييرات تفضي إلى حيث تتوفر البطاقة المكتوب عليها كلمة «النهاية» وتعين الناس على التفرغ للتطلع إلى المستقبل.ليس كثيراً على شعب البحرين أن ينعم بالهدوء في شهر الله، وليس كثيراً عليه أن تأتيه البشارات المنبئة بقرب انتهاء الأزمة فيه، وليس كثيراً عليه أن ينفض عنه غبار السنوات الثلاث الأخيرة ليعود إلى حيث يفترض أن يكون وتكون البحرين. فهل تتاح للعقل في هذا الشهر المبارك الفرصة كي يعبر عن نفسه وكي يكون هذا الرمضان بالفعل.. غير؟