إنها لا تريد أن تلقى المصير ذاته الذي لقيته تلك التي ضرب بسببها المثل الشعبي الشهير «لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي»! الوفاق تخشى من هذا المصير، ومع هذا فإنها تضع عينها على ما قد يوصلها إلى هذا المصير. هذه هي كل مشكلة الوفاق.لنذكّــر أولاً بقصـــة المثــــل، وملخصها أن امرأة فقيرة جميلة تزوجت من رجل فقير ولكنها ظلت تحلم بما هو أفضل منه، فذهبت إلى رجل يدعى «سيد علي» قيل لها إنه «يفج الفال» ويقرأ الكف ويعرف أسرار النجوم. عندما رآها سيد علي انبهر بجمالها فزاغت عينه وأقنعها بأن نجمها لا يتلاءم مع نجم زوجها وأن الحياة بينهما لا يمكن أن تستمر، وأن الحل هو في الطلاق منه، وألمح لها أنها إن تطلقت فسيتزوجها. المخبولة صدقت، فأصرت على الطلاق من زوجها فتطلقت، لكن سيد علي لم يتزوجها، ولم يقبل زوجها بإعادتها إلى عصمته، فجرى هذا المثل الذي يضرب للشخص الذي لا يقنع بما في يده ويطمع للحصول على ما هو أفضل، فلا يحصل عليه ولا يستطيع استعادة ما فقده، فيخسر هذا ويخسر ذاك و»يطلع من الباب الشرقي»!المتابع للساحة المحلية وتطوراتها يتوصل إلى أن الوفاق لا تريد أن تلقى المصير ذاته الذي لقيته تلك الفتاة التي خسرت زوجهاعلى أمل أن يتزوجها سيد علي فخسرت كل شيء. الوفاق تريد أن تضمن «سيد علي» قبل أن تقبل على خطوة الطلاق، وهذا في حد ذاته تفكير واقعي، وإن اتصف بالأنانية، لكنه يعطي الآخرين فرصة وضعها في خانة غير مريحة.هذه هي بالشعبي مشكلة جمعية الوفاق، إنها تخشى أن تكون الخاسر الأوحد وتخرج من «المولد بلا حمص»، كما يقول أهل الشام، لذا فإنها تحاول جهدها ألا تخسر الحكومة وألا تخسر الشارع الذي تعرف جيداً أنه يصفق لها طالما أنها تقول بما يقول به ويرغب فيه، وطالما أنها تقف ضد الحكومة وتنتظر «سيد علي». في النهاية تريد الوفاق أن تظفر بشيء وألا تلقى نفس المصير الذي لقيته تلك المرأة فيجري عليها المثل نفسه. هذا يعني أن الوفاق تسير على خيط رفيع مشدود بين ركيزتين، وأنها لا تريد أن تقع في المساحة التي تكون معها خاسرة. هي تخشى أن تنهي علاقتها مع الحكومة فلا تحصل منها على شيء، وهي تخشى أيضاً أن تنهي علاقتها مع «المعارضة»، وتحديداً ائتلاف 14 فبراير المدعوم من الخارج، فتحصل مفاجآت تؤدي إلى خسارتها وضياع جهدها في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي لم تجد فيها بداً من مسايرة هذا الائتلاف رغم معرفتها بأنه لا يمتلك الخبرة ولا التجربة وأنه يستسلم كثيراً لأحلام اليقظة. الوفاق قالت قبل قليل إنها ستشارك في الانتخابات، ثم عندما أحست أن تصريحها أزعج هذا الائتلاف تراجعت عن قولها وبررته ووضعت لقبولها المشاركة كمية من الشروط. بعد ذلك وقبله اجتمعت مع الحكومة بطريقة أو بأخرى، أعجبها ما سمعته منها، لكنها سرعان ما خافت من ردة فعل الائتلاف فتراجعت حتى أنها لم تتردد عن القول بأنها لم تلتقِ بالحكومة ولا بأحد من طرفها. الوفاق ستظل هكذا، تستحي مما تشتهيه، لا تستطيع أن ترفض إغراءات الحكومة ولا تريد أن تخسرها، وفي نفس الوقت لا تريد أن تخسر الشارع الذي يسيطر عليه ائتلاف فبراير ويسيطر عليها. الوفاق تخشى أن تقدم على الطلاق ولا يأخذها ائتلاف فبراير، فتسعى إلى العودة إلى عصمة الحكومة فتلاقي الصد، فيصير مصيرها كمصير تلك المرأة التي «لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي»!