يولد المسلم مختوماً بختم محدد يطلق عليه البعض مازحاً اسم «ختم الجودة»، فإذا ولد من أبوين شيعيين صار بالضرورة شيعياً، وإن ولد من أبوين سنيين صار بالضرورة سنياً، وإن ولد من أبوين أحدهما شيعي والآخر سنـي حصل على فرصة لا يحصل عليها من جاء مختوماً بختم واحد فقط. لكن ماذا يعني للدولة أن تكون شيعياً أو سنياً؟ الجواب هو لا شيء. فالدولة تريد مواطناً مخلصاً يخدم، بما يكتسبه من علم ومعرفة، مجتمعه ووطنه.هنا سؤال مباشر لا يحتمل جوابه اللف والدوران؛ لو أن من يقوم باختطاف الشوارع وإرهاب الناس ويمارس أعمال التخريب والفوضى ويخرج في مسيرات غير قانونية ويهاجم رجال الأمن بقنابل المولوتوف الحارقة القاتلة، لو أن من يقوم بهذا هم من أهل السنة؛ هل سيكون تعامل الدولة معهم مختلفاً عن تعامل الدولة مع من يقوم بهذه الممارسات الخاطئة اليوم وكلهم من الشيعة؟ هل تتوقع أن تمسح الدولة على رؤوسهم بلطف وهي تقول لهم بحنان «لا يا بابا.. ما يصير هللون»؟ الجــــواب المنطقـي هـو أن تقـــف في وجوههـــم وتمنعهــــم مـــن هكـــــذا ممارسات وتطبق عليهم القوانين التي بها تحمي السلطة والوطن والمجتمع والمواطنين والمقيمين من أذاهم. لا يهم الدولة إن كنت شيعياً أو سنياً أو مخلوطاً؛ فهي لن تدخل معك في قبر واحد ولن تشاركك الحساب يوم القيامة. ما يهم الدولة هو أن تحافظ على أمنها ومستقبلها، وأن تمنع كل يد عابثة تهددها لتتمكن من مواصلة دورها في البناء والتنمية. هنا مثال آخر؛ في إيران الحكم شيعي والأغلبيـــة مـــن المواطنيـــن شيـعـة، ترى هل ستسكت الدولة هناك عن مواطنيها الشيعة لو أنهم قاموا بمثل ما يقوم به البعض الآن في البحرين؟ هل سيقولون لهم بهدوء وحنان مبالغ فيه وهم يمسحون على رؤوسهم بلطف «لا اتسوي هللون.. آغا»؟ الأمر نفسه يحدث في كل دول العالم، وهذا السلوك تطبقه الدولة على كل شيء، فبريطانيا مثلاً لا يمكن أن تسكت عن مواطنيها الذين يعيثون الفوضى ويقومون بأعمال التخريب لأنهم إنجليز أو لأن لونهم أحمر، وأمريكا لا يمكن أن تسكت عن أعمال التخريب لو شهدتها بعض مدنها لأن من يقوم بها «ولايتي»!الدولة هنا وفي كل مكان تحمي نفسها ومستقبلها وتحمي رعاياها ومستقبلهم، وهذا من حقها، لا يهمها دينك ولا مذهبك ولا لونك ولا أصلك ولا فصلك، ما يهمها هو أن تعرف حدودك فتلتزم بأداء واجباتك لتحصل على حقوقك. هذا باختصار حال الدول والأساس الذي ينطلقون منه في التعامل مع الأحداث وسلوك المواطنين والمقيمين. بالعامي أنت «شحليلك وعلى راسي وخوش رجال» ما دمت تعرف حدودك ولا تتجاوز، لكن إن بدا منك ما يمكن أن يحسب على أنه تجاوز أو تطاول أو ما ينتج عنه الأذى فلا تلم إلا نفسك. وفي هذه الحالة لا يهم الدولة إن كنت شيعياً أو سنياً أو تقدمياً أو سلفياً أو إخوانياً أو مسيحياً أو يهودياً أو متعلماً أو قليل التعليم. ما يهم الدولة هنا هو أنك صرت تشكل خطراً عليها وعلى المواطنين وعلى مستقبلها ومستقبلهم، وصار لا بد من إيقافك عند حدك ومنع الأذى.هكذا تفكر الدول وهكذا تعمل، لا يهمها ما يدور في مخك وإنما ما تمارسه من سلوك يمكن قياسه، تشكرك عليه إن كان زيناً، وتحاسبك إن كان شيناً. عدا هذا تقول لك الدولة -أي دولة- مارس حياتك بشكل طبيعي ولا عليك من أحد.
Opinion
ما ضر لو كان سنياً؟!
30 أبريل 2014