الحراك الانتخابي مازال هادئاً لأول مرة منذ بداية التجربة البرلمانية الحالية في 2002، هذا الهدوء علني، ولكن الحراك نشط بشكل غير معلن، فهناك الكثير من الشخصيات الراغبة في الترشح بدأت نشاطها، وتحركت ميدانياً، فبعضهم انتقل لمناطق أخرى وقام بتغيير عنوانه ليكون في دائرة انتخابية أخرى، بل في محافظة أخرى. وعلى صعيد أنشطة الدعاية الانتخابية، بجولة سريعة في مختلف المناطق، من السهولة بمكان ملاحظة الإعلانات الضخمة للفعاليات الجماهيرية الكبيرة «عرس جماعي، ومعرض خيري، وطبق خير، وبطولة رياضية»، فيما يستعد عدد من الراغبين في الترشح لتنظيم حفلات تكريم المتفوقين والناجحين. طبعاً جميع هذه الفعاليات لا تأتي في سياق «النشاط الاجتماعي والخيري»، وإنما معروفة السياق. الحراك الانتخابي يتركز اليوم في المترشحين المستقلين، فيما يبدو أن الجمعيات السياسية منشغلة أكثر بكيفية الانتهاء من التحالفات الانتخابية التي لم تضع حتى الآن اللمسات النهائية لقراراتها تجاه هذه التحالفات. المؤشرات الأولية تشير إلى أن جمعيتي المنبر الإسلامي والأصالة تعتزمان دخول الانتخابات بقائمتين مختلفتين، مما يعني عدم تحالفهما رسمياً كما كان الوضع عليه عشية انتخابات 2006. في الوقت الذي تتجه فيه جمعيات الائتلاف إلى دخول الانتخابات التشريعية لأول مرة بقائمة واحدة تمثل مجموعة الجمعيات المنضوية ضمن هذا الائتلاف، وذلك طبقاً لتصريحات ظهرت مؤخراً. بالنسبة لتجمع الوحدة الوطنية الذي جاء نتاجاً لحركة «الفاتح» التاريخية، فإن التحدي الذي أمامه هو عدم الظهور بمظهر الخاسر للجماهير التي خرج منها التنظيم، وبالتالي من المهم له أن يحفظ ماء الوجه وألا يتأثر بخسارة للسمعة وذلك من خلال سلسلة من التحالفات مع الجمعيات المنضوية في الائتلاف. نعود مرة أخرى لكل من المنبر الإسلامي والأصالة، فالأولى تواجه تحدياً يتعلق بتمثيلها الأيديولوجي الذي يسود اعتقاد بأنها أيديولوجية باتت غير مرغوبة في المجتمع البحريني، وبالتالي هناك رهان كبير على صدقية هذه الفرضية من عدمها في الاستحقاق الانتخابي المقبل الذي سيحسم فيه الجمهور هذه الإشكالية. واللافت أن القائمة الأولية المعلنة لمترشحي المنبر عددها محدود للغاية، وقد تكون أقل القوائم الانتخابية عدداً للمنبر الإسلامي منذ 12 عاماً. بالمقابل فإن جمعية الأصالة التي تتسم بالهدوء في نشاطها السياسي مؤخراً تسعى للاستفادة من الظروف السياسية لصالحها، فهي تدرك موقف الجماهير تجاه المنبر الإسلامي، وموقفهم أيضاً تجاه الائتلاف وتجمع الوحدة الوطنية، ولذلك لديها رهانات على إمكانية زيادة كتلتها البرلمانية في الفصل التشريعي الرابع. يسود الآن اعتقاد بأن هناك نفوراً كبيراً من الجماهير تجاه الجمعيات السياسية، وهذا النفور طبعاً غير مدروس وغير مرصود. ولذلك نجد شريحة واسعة من الجماهير تؤمن وتؤيد دخول المستقلين في الانتخابات التشريعية والبلدية، اعتقاداً منهم بأن هؤلاء لديهم مرونة أكبر وقدرة على التحرك من مترشحي الجمعيات السياسية الذين تفرض عليهم التزامات تنظيمية. في النهاية نستخلص مجموعة من الفرضيات التي تحتاج إلى اختبار، واختبارها سيكون في الربع الأخير من العام الجاري، وهو اختبار صعب لأن من سيعطي النتائج هي الجماهير نفسها.