الملاحظة التي أبدتها لجنة الشكاوى والرصد والمتابعة بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وآثرت نشرها كخبر وملخصها؛ أن هناك تأخيراً غير مبرر من الوزارات والجهات المعنية للرد على الشكاوى، وأن بعض الردود لم تكن وافية ومباشرة، هذه الملاحظة ينبغي أن تجد العناية الكافية من الحكومة، وأن تصل الوزارات المعنية توجيهات واضحة وصارمة من صاحب السمو رئيس الوزراء كي تتمكن هذه المؤسسة الوطنية من أداء دورها كما ينبغي وكي تكون للجنة الشكاوى والرصد والمتابعة بها مصداقية تؤدي إلى كسب المؤسسة ثقة الجميع.عدم تجاوب الوزارات أو تلكؤها في توفير الإجابات وعدم الالتزام بالوقت المفترض لتوفيرها أو توفيرها ناقصة يسيء إلى الوزارات نفسها، ويؤكد تقصيرها في التعاون مع الجهات المعنية، وهذا كله يسيء إلى الحكومة وإلى المملكة التي تتعرض إلى اتهامات بالتقصير في حقوق الإنسان بكرة وعشياً.مهم جداً توفير الوزارات للمعلومات التي تحتاجها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في الوقت المناسب ليتسنى لها سرعة البت في شكاوى المواطنين والمقيمين، ولتؤسس نهجاً ديمقراطياً وحقوقياً يؤكد اهتمام البحرين بالإنسان وبحقوقه وبحريته، ولتتمكن من ضمان حقوق المشتكين والوصول إلى نتيجة مرضية بشأنها.دور المؤسسة الوطنية هنا هو دور الوسيط الذي لا يمكنه القيام بدور الأطراف الأخرى، فهي تتلقى الشكاوى من المواطنين والمقيمين وتدرسها وتتواصل بدلاً عن الشاكين مع الوزارات والهيئات الحكومية المعنية لتقرر بناء على ما يتوفر من معلومات من كل الأطراف ما ينبغي فعله وما يعين على حصول المشتكي على حقوقه غير منقوصة. تأخر الوزارات في الرد وتوفير المعلومات أسبابه تتلخص غالباً في المركزية وحصر القرارات في يد الوزير، وهذا يعني أنه ربما يقوم المعنيون بتوفير المطلوب في وقت قياسي ولكن الآلية التي تحكم مرور المعلومات على سلسلة من المسؤولين بالوزارة قبل أن تصل إلى الوزير، والذي ربما احتاج إلى بعض الوقت الإضافي كي يتسنى له الاطلاع على الرد والمعلومات، هذه الآلية هي التي تتسبب في تعطل الرد وتعطل الوطنية لحقوق الإنسان والتشكيك في أداء دورها وموقفها من المشتكي.طبعاً لو حدث أن الوزير لم يقتنع بالإجابة أو طلب حذف أو إضافة معلومة أو أخرى أو تعديل الصياغة؛ فهذا يعني أن «الفيلم» يعاد من جديد لأن الدورة ستتكرر، وهذا يتطلب المزيد من الوقت. ناتج تلك البيروقراطية هو التأخر في توفير المعلومات التي تحتاجها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وناتجه اعتبار المشتكي والجمهور أن المؤسسة مقصرة أو غير مهتمة، وأنها لا تقوم بواجبها كما ينبغي فتخسر كثيراً من الثقة التي تحتاجها في هذه الفترة على وجه الخصوص. فما هو المخرج؟ لعل المخرج هو اختصار السلسلة التي أولها الفريق المعني بتوفير المعلومات وآخرها الوزير، لتكون محصورة بين هذين الركنين على أن يتم تحديد مدة زمنية لإنجاز المطلوب، وفي حالة عدم توفر الوزير لظروف السفر مثلاً يتحمل وكيل الوزارة المسؤولية ويقوم باللازم. ربما كان مناسبا أيضاً تحديد فريق خاص بالمؤسسة الوطنية للمتابعة الحثيثة مع الوزارات والضغط عليها لتوفير المطلوب في الوقت المحدد، وربما كان مناسباً أيضاً إعطاء الضوء الأخضر للمؤسسة الوطنية للتصريح للصحافة والإعلام بذكر اسم الوزارة التي تتأخر في توفير المعلومات المطلوبة، فهي الطريقة الأسرع لوصول المعلومة عن التأخير المربك لعملها إلى سمو رئيس الوزراء، الذي لن يتأخر عن توجيه الوزير إلى تدارك الأمر وتوفير المطلوب. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لا تزال في فترة التشكل والنشوء، ولا تزال دون أن تحصل على ثقة الجميع، وتأخر الوزارات عن توفير ما تحتاجه من معلومات يؤذيها ويصعب عليها مهمتها. نجاح هذه المؤسسة نجاح للبحرين وللحكومة وفشلها فشل لكل الوزارات.
Opinion
الوزارات «تناحس» الوطنية لحقوق الإنسان
01 يوليو 2014