حصول البحرين على استقلالها في منتصف أغسطس، واحتفالها بهذه المناسبة في ديسمبر أمر عادي لا يستحق الضجة التي يفتعلها ذلك البعض الذي من الواضح أنه إنما يريد استغلال الفرصة لنشر مزيد من الفوضى وإيذاء الحياة والاستقرار في هذا البلد الذي من الواضح أيضاً أنه بات مستهدفاً، فقد بدأ ذلك البعض المحب لممارسة هذا الدور في تنفيذ برنامج تم إعداده جيداً لتحقيق هذا الغرض انطلق قبل أيام بـ»تدشين» ما أسموه «شعار عيد الاستقلال»، والخروج في المظاهرات التي يكفيهم منها الحصول على بعض الصور واللقطات لنشرها وبثها عبر الفضائيات التي استهوت الإساءة للبحرين بغية الشعور بأنهم قاموا بالدور المنوط بهم.هذا «النشاط» السالب صار يتكرر في كل عام وتم اعتماده في «الأجندة»، خصوصاً وأن شهر أغسطس يكاد يخلو من أي مناسبة يمكن أن توفر عذراً للخروج في مظاهرات لا يكسبون منها شيئاً، حيث العالم أجمع صار يعرف اللعبة ويدرك ما يدور جيداً، ولم يعد يثق في الأخبار والتقارير التي تنشرها وتبثها وسائل الإعلام والاتصال الكثيرة التي «تمتلكها المعارضة» وتعتمد عليها باعتبارها السلاح الأقوى اليوم في أي معركة، تماماً مثلما لم يعد يثق في التقارير التي تصدر عن المنظمات الحقوقية المتواطئة مع كل من يعمل ضد الحكومة، والتي يصعب توجيه اللوم لها كونها تبحث عن مصلحتها، وهذا من حقها.كما في أغسطس الأعوام السابقة ستمر المناسبة هذا العام من دون الحصول من ورائها على أي مكسب سوى التسبب في الإضرار بحياة الناس الذين ملوا وسئموا من هذا الذي يقوم به ذلك البعض فقير الرؤية، ذلك أنه لا يمكن خلق موضوع من لا شيء، ولا يمكن إقناع العالم بما لا يراه موضوعاً. ما سيحدث في الأيام القليلة المقبلة هو اختطاف عدد من الشوارع لإتاحة الفرصة لأولئك «الأطفال» كي يمارسوا هوايتهم في التخريب بإضرام النيران في إطارات السيارات وتعطيل الحياة، وسيخرج البعض في مظاهرات صغيرة هنا وهناك تنتهي بانتهاء مهمة المكلفين بالتقاط الصور المطلوبة، وستقوم الفضائيات السوسة ببث وإعادة بث الأخبار المفتعلة والمبالغ فيها، وستقوم المواقع الإلكترونية بالمساعدة في هذا الاتجاه بينما سيتولى المغردون أداء الدور المرسوم لهم بنشر كل ما يعتقدون أنه يمكن أن يسهم في دعم ما يريدونه منهم دعمه في توفر ما يلزم من نشاط في وسائل التواصل الاجتماعي لعل وعسى يغيب بعض العالم عن رشده فيصدق ما ينشرون.ما ينبغي أن ينتبه إليه هؤلاء وأولئك من الذين يصنفون أنفسهم على أنهم معارضة هو أن الأحوال لم تعد كما كانت، وأن مؤثرات جديدة اقتحمت الساحة المحلية والإقليمية والدولية من شأنها أن تنهي حراكهم إن لم يعيدوا النظر في ما يفعلون، خصوصاً وأنهم خسروا الكثير من التعاطف في الداخل والخارج.ما يحدث حولنا وقريباً من دارنا يستوجب من المعنيين في «المعارضة» بأنواعها أن يعيدوا حساباتهم وينتبهوا إلى أن استمرارهم في الذي بدؤوه قد يكلفهم الوطن بأكمله، وقد يحرم الجميع من حالة الاستقرار التي من دونها لا تنمو حياة ولا تحيا تنمية. الظروف اليوم تحتم على الجمعيات السياسية وكل من وجد نفسه يعمل في السياسة أن يتحرروا من أنانيتهم ويفكروا في مصلحة الوطن، فهذا هو الوقت الحقيقي الذي يمكن للوطن أن يسجل بأحرف من نور دور كل جهة وكل فرد سعى إلى حفظه ودرء الأخطار عنه. لم يعد ممكناً منع تأثير الخارج على الداخل، ولم يعد مقبولاً التعلل بالانشغال بأي شيء في مثل هذه الظروف. إن أخشى ما يخشاه العاقل هو أن يعتقد الطامعون أن قرع طبول أغسطس وغيرها من طبول بمثابة دعوة لهم للقدوم وأكل الأخضر واليابس.