من يريد أن يتنبأ ببيانات الوفاق التي ستصدرها من الآن إلى نوفمبر موعد انتخابات 2014 ما عليه سوى استخراج بياناتها عام 2002 من الأرشيف والحافلة بذات المبررات وبذات الصيغ لنيتها بمقاطعة الانتخابات.وإن عشنا وأعطانا الله عمراً إلى عام 2018 وبقيت الوفاق جمعية مرخصة إلى ذلك الحين، ممكن أن يستغني عن أي بيان جديد لتبرير قرار المشاركة الذي سيصدر لاحقاً، باستخراج بيانات 2006 وقراءتها وهكذا تجتر الأخطاء بجدارة.الظاهر أن الدولة مقبلة على مرحلة اجترار لأخطائها كما ستجتر الوفاق معها أخطاءها، ولتبقى البحرين رهينة لتلك التجاذبات التي استنزفت الدولة على مدى العقد الماضي والتي كانت معطلة للنمو الديمقراطي ومعطلة للنمو الاقتصادي ومعطلة للنمو الحضاري للمجتمع، لأنها سمحت بنبتة التعطيل أن يرخص لها قانونياً ومن ثم عجزت عن اجتثاث جذر المشكلة واكتفت بتشذيب الغصون.«12 عاماً» هي أقصر فترة زمنية تتعاقب فيها ذات الأخطاء من نفس الأطراف، إذ جرت العادة أن نقول إن الناس لا تتعلم من «التاريخ» باعتبار أن تعاقب الأجيال والجهل بالتاريخ والنسيان يسمح بتكرار الخطأ، إنما أن تكراره بذات الحقبة الزمنية في عمر ذات الأطراف، فتلك سابقة لم تحدث في التاريخ البشري. عدنا للمربع الأول في عام 2002 الذي «تحث» الدولة فيه المجتمع على المشاركة في الانتخابات بجهود إعلامية وبدعوات من القيادة، مقابل حملة إعلامية مضادة تحث الناس على المقاطعة، عدنا لمعركة رفع النسب في الانتخابات لإثبات أي الفريقين أكثر عدداً... وهكذا مسحت من خارطة البحرين 12 عاماً جرت فيها المياه تحت جسور هذه التجربة، بل وسالت دماء فيها ثمناً لإثبات أي النسبتين أكبر.إن حتى تجاوزت جرائم تلك الجماعة الحاجز بينها وبين شعب البحرين معركة استحقاق النسبة الأكبر، 12 عاماً مرشحة أن تستمر وتصل إلى 24 عاماً ونحن نكرر السيناريو بالحرف.لذا فإننا نتوقع أن يفتر حماس المجتمع البحريني لانتخابات 2014 عما كان عليه في 2002، إنما عزوف الناس هذه المرة ليس لأنهم متفقون مع الوفاق في دعاواها وأسبابها، بل بالعكس تماماً، فكثيرون سيرون أن قرار الدولة باختزال «معركة» المجتمع مع جماعة المرشد في رفع نسبة المشاركة بينهم وبينها اختزال لألمهم ومعاناتهم، واستهانة بما تسببت به هذه الجماعة من 1995 إلى 2014 وما جرته على البلاد، وبما ستتسبب به إلى حين تقرر 2018 الدخول في الانتخابات من جديد. كان ممكناً أن تكون «معركة» نسبة المشاركة مجدية لو أن الدولة صححت مسار أخطائها وأزالت «جذر» وأساس الأزمة، لو أن الدولة أغلقت غرفة عمليات الحرق والدمار وأسكتت ماكينة التفريخ، وقامت بعملية «ريستارت» للتجربة الديمقراطية برمتها على أسس صحيحة، بلا إرهاب وإرهابيين، بلا معسكرين يزيدي وحسيني، وبلا سيوف مسلطة على رقابهم، حينها سيندفع أهل البحرين بكل فئاتهم لهدف أسمى وامتحان أصعب يعوضون به ويبنون فيه ما هدمته هذه الجماعة.. أما والعملية مجرد «كلاكيت ثاني مرة» فلا أحد سيتحمس لإعادة اختبار نجح فيه واجتازه لمجرد رفع النسبة!