من ثوابت ديننا الإسلامي التي تعلمناها منذ الصغر؛ أن المسلمين تتكافأ دماؤهم، فهل الثوابت متغيرات عند الإخوان المسلمين في العراق؟! أم أن المصلحة الحزبية تتطلب أن يكون للحق أوجه متعددة؟!.فكرت كثيراً قبل أن أسطر كلماتي هذه، وحتى لا يساء الفهم ويعمم الكلام على أكثر من مكان، فحديثي خاص عن بعض ممارسات الحزب الإسلامي العراقي «حصراً»، الواجهة السياسية للإخوان المسلمين في العراق، والتي بلغت حداً من الاستخفاف بالعقول لا يمكن تجاوزه، وسأتكلم هنا عن الموقف المتباين لهم من قضية الانتخابات في العراق ومصر، فمنذ أن بدأ الترويج للانتخابات الماضية في مصر والعراق، والمواقع الإلكترونية التابعة للحزب الإسلامي العراقي، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي لأعضائه تروج وبقوة للانتخابات في البلدين بشكل متباين؛ فهي تتناقل الفتاوى التي تحرم على المصريين المشاركة بالانتخابات، وتنشر المقالات والصور وملفات الفيديو التي تثقف ضدها، وعلى العكس من ذلك وفي التوقيت ذاته فإنها تدعو العراقيين للمشاركة بالانتخابات وبقوة، ويحرّم علماؤهم ترك المشاركة ويعدون عدم إدلاء الشخص بصوته خيانة للأمانة والأمة، ويعتبرون من يقتل دونها شهيداً، لأن التغيير سيأتي من خلالها «وهذه وحدها نكتة».بل ذهب بعضهم أبعد من ذلك عندما زور فتاوى صدرت من علماء تطلب من أهل السنة عدم المشاركة بالانتخابات، وراح يصف العلماء الذين أصدروها بأوصاف يستحي المرء أن يصف بها إنساناً جاهلاً بسنهم فضلاً عن كونهم علماء، وهنا لا أدري أين ذهبت النصائح التي طالما لهجوا بذكرها وهي تتحدث عن «لحوم العلماء المسمومة»، لكن يبدو أن السموم خاصية لا توجد إلا بلحوم العلماء الذين يجمعون بين العلم والحزبية.عوداً على موضوع الترويج المتباين للانتخابات في البلدين فإن الإخوان في العراق ذكروا أن أهم أسباب تحريم المشاركة في الانتخابات المصرية هو ارتكاب مجزرة ميدان رابعة التي راح ضحيتها العشرات، وهنا أتوجه بسؤال لهم؛ اتركوا كل المجازر التي ارتكبها النظام الحاكم في العراق وآلاف المعتقلين، والمئات من حرائر العراق في غياهب السجون، وحدثونا عن مجزرة الحويجة التي اقتحمها الجيش في العراق وراح ضحيتها قرابة 200 شخص، هل كانت هذه مناورات حربية، أم هي مزح من النوع الثقيل، ولماذا لم تحرّموا المشاركة في الانتخابات بسببها كما فعلتم مع مصر، لا تقولوا: «هذه سياسة وانتم اشفهمكم»، لأن حتى الأطفال أصبحوا يتندرون بسياستكم.لست بصدد أن أكون هنا مع أو ضد في موضوع الانتخابات في البلدين، ولكن لأقارن فقط بين موقفين متباينين في موضوع واحد، فالمدة الزمنية الفاصلة بين أحداث رابعة وأحداث الحويجة كانت 3 أشهر تقريباً، والمدة الفاصلة بين الانتخابات في البلدين كانت شهراً واحداً، وإذا كانت القضية قضية دماء فهي متكافئة في العراق ومصر، فيا إخوان العراق ما لكم كيف تحكمون؟