الأسبوع الماضي ذهبت إلى إحدى المجمعات الكبرى في البحرين، وأثناء وجودي في غرفة تبديل الملابس، في القسم الخاص بالنساء، سمعت صوت رجل بالداخل مع امرأة، استدعيت المسؤولة بالمحل وأصررت عليها أن تتدخل وتخرج الرجل من الداخل حتى يذهب إلى القسم الخاص بالرجال ليقيس ملابسه هناك، وما أن فتح الرجل الباب وجدناه -امرأة- وهو بكامل زينته من ملابس ومكياج وشعر مستعار، كأنه امرأة حقيقية، إلا أن صوته كان يكشفه في كل مرة يحاول أن يغير فيه نبرة صوته. بالطبع، وجوده في غرفة التبديل الخاص بالنساء غير مرغوب فيه، ووجوده أيضاً بشكل امرأة في قسم الرجال غير محبب وغير مرغوب فيه بتاتاً، وحتى المرأة المسترجلة أو «البوية» غير محببة في كلا القسمين، قسم النساء وقسم الرجال، والسبب معروف. فأين يذهب هذا المسخ من الرجال والنساء الذي تمرد على الفطرة باسم الجندر، وباسم الحرية وباسم حقوق الإنسان، «والله إننا تمشكلنا مع هذه الحقوق، اللي الواحد مب عارف شيسوي بروحه».لول في البحرين، الرجال كانوا يدخنون بالخش؛ أي ألا أحد يعلم إن كانوا من المدخنين أم لا، بل إن الرجل الذي يدخن السجائر يدل ذلك على عدم استقامته، وغالباً ما يسأل أهل العروس عما إذا كان الشاب المتقدم للزواج من المدخنين أم لا. وكذلك الحال بالنسبة لمن يشرب الخمر، ففي السابق كان شرب الخمر شيئاً عظيماً، وكان ينكره المجتمع أجمع، وكان الرجال الذين يشربون الخمر في معزل عن البيوت والعوائل الكريمة، واليوم أصبح يتداوله ويشربه البعض من الرجال والنساء على الملأ ويتبجح في ذلك. كل ذلك كانت في البداية حالات «تنعد» على الأصابع، وقد حاول المجتمع التستر عليها لأن فلاناً ابنه وذاك أبوه، حتى أمسينا بين عشية وضحاها أمام واقع مرير، وخصوصاً مع انتشار الجنس الآخر في المجتمعات الإسلامية، ما أتى بنتائج عكسية من جراء التستر عليها على أنها لا تمثل ظاهرة في المجتمع. بالأمس كان الشاذون جنسياً من الرجال والنساء يتسترون على ما يقومون به حتى لا تنكشف نواياهم وحيلهم وما هم عليه، واليوم أصبحوا يتبجحون في الشوارع والطرقات، بل يطالبون بحقهم في أن يختاروا الجنس الذي يريدون أن يكونوا عليه. وغداً سيطالبون بزواج المثليين وتبني الأطفال وغيرها من المطالبات التي يشيب منها الرأس، والتي قد يراها البعض صغيرة أو قد لا تهمه وهي عند الله تعتبر من الكبائر.بعض المسؤولين، ومنهم الإعلاميون، لا يحبذون أن تثار بعض الحالات التي أسميها شاذة أو الحالات غير المألوفة من القضايا الاجتماعية، والتي تعبر عن سلوك معين مغاير تماماً عن المتعارف عليه، فالبعض يتكتم على سلوكيات سلبية أو سلوكيات غريبة ودخيلة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية على أنها سلوكيات لا تمثل ظاهرة، فهي بالكاد قد تصل إلى عشر حالات، متناسين بأن هذه العشر حالات هي نقطة البداية لتغلغل سلوكيات دخيلة على المجتمع البحريني، فبعد عدة أعوام لا تصبح هذه الحالة ظاهرة بل تعد واقعاً مريراً يندم البعض على التكتم عليه، حينها لن يكون هناك قسم لتبديل الملابس للرجال وللنساء فقط، بل ستكون هناك أقسام أخرى كثيرة. وقديماً قالوا «التفاحة الفاسدة تفسد جميع التفاح في السلة».نحن لا نتعدى على حقوق الآخرين ولا نكتم على حرياتهم، بل البعض هم من يتعدى على حقوقنا وعلى حرياتنا عندما نشاهد كل تلك الظواهر أمام أعيننا ونعجز أن نبدّل أو نغير تلك السلوكيات، ولا سبيل للتغيير إلا عن طرق القلب وهو أضعف الإيمان.