نبارك أولاً لكل المتفوقين والناجحين من أبناء هذا الوطن العزيز تفوقهم ونجاحهم العلمي والتعليمي لهذا العام الدراسي، ونبارك للبحرين تفوق مئات بل آلاف الخريجين من أبنائنا الطلبة، سواء كانوا من الذين تخرجوا من المدارس أو الجامعات، فالبحرين تعج بالطاقات الشبابية الرائعة، ونحن نعتبرهم كنز هذا الوطن وفخره.لكن، بعد هذه الديباجة، يمكن لنا أن نتساءل بطريقة أكثر جدية وواقعية عن الخطط الحالية والمستقبلية التي يمكن أن تحتضن كل هؤلاء الخريجين والمتفوقين من أبنائنا الطلبة الذين تخرجوا هذا العام من المرحلة الثانوية، وهل سيتمكنون مستقبلاً من الانخراط بسهولة في سوق العمل بعد انتهائهم من المرحلة الجامعية؟ أم سوف تكون الخطط المرسومة لهم كبقية الأعوام السابقة التي تسير على «البركة» فقط؟إن عدم وجود رؤية واضحة وناضجة ومتطورة لاستيعاب كافة خريجي المدارس الثانوية العامة وانخراطهم في التعليم العالي، حسب حاجة الوطن وسوقه، يؤدي في نهاية المطاف إلى هدر كافة الطاقات الشبابية البحرينية الكبيرة، وإضافتهم إلى طوابير الباحثين عن العمل، فها نحن اليوم نجد الآلاف من الخريجين الجامعيين وغيرهم يجلسون في منازلهم من أجل انتظار دورهم الذي ربما لا يأتي من أجل الحصول على وظيفة، وذلك بسبب سوء الخطط المطروحة من طرف الجهات المعنية بكل أولئك الخريجين بعد تخرجهم المدرسي.سمعنا منذ أكثر من عقد من الزمان البحريني الخالص، أن وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى يطرحون برامج تعليمية ممتازة لحديثي التخرج من طلبة الثانوية العامة «التوجيهي»، حسب ما تقتضيه وما تتطلبه سوق العمل، لكننا اكتشفنا في نهاية هذا العقد أن سوق العمل البحرينية لا تحتاج لكل هذه الأفواج من الخريجين في المجالات التي طرحوها والتي لا تحتاجها السوق أصلاً، بمعنى أن شبابنا الذين اختاروا تخصصاتهم الدراسية العليا بحسب البرامج المطروحة عند تخرجهم من الثانوية العامة من قبل مؤسسات الدولة كان أمراً مغلوطاً، حتى اعتبرها الكثيرون من العاطلين عن العمل اليوم، بأنها كانت «خديعة» سارت بهم دون تخطيط محكم، على اعتبار أنها كانت تبشرهم بمستقبل حافل لأجل الانخراط في سوق العمل ليجدوا أنفسهم وبامتياز من العاطلين عن العمل!لا يبدو أن هنالك الجديد في خطط التنظيم الجامعي لخريجي الثانوية العامة هذا العام، وبهذا فإن أعداد الخريجين الجامعيين بعد أربعة أعوام من الآن سوف تضاف إلى قافلة الباحثين عن العمل، وبهذا فإننا أضفنا فوجاً جديداً من أبنائنا المتفوقين والمميزين والخريجين إلى سلسلة وقاطرة العاطلين.تتحمل وزارة التربية والتعليم ومعها كافة المؤسسات التي تطرح برامج وخطط للتعليم العالي بصورة غير منسجمة بتاتاً مع سوق العمل لأبنائنا الطلبة هذه المسؤولية وهذا التخبط العشوائي في انتقاء البرامج التعليمية العليا للخريجين، أما الضحية فهم كوكبة هذا الوطن.لو كانت البرامج والتخصصات التعليمية العليا تتسق في واقعيتها مع سوق العمل بطريقة حديثة ومنظمة لما وجدنا آلاف الخريجين من المهندسين والأطباء والقانونيين والمحاسبين والمصممين والمعلمين والمبرمجين وغيرهم من أبنائنا البحرينيين يتسولون على أبواب وزارة العمل من أجل الحصول على مبلغ تافه يدعى «معونة التعطل» عن العمل، يحصلون عليه بعد شروط مذلة من طرف وزارة العمل.إن وضع القدم في الطريق الخاطئ يؤدي بك إلى الضياع، وهذا الذي قامت به بعض الجهات الرسمية حين وضعوا أقدام آلاف المميزين من أبنائنا الخريجين في الطريق التعليمي الجامعي «الخطأ»، فصاروا اليوم «عالة» على أنفسهم وذويهم وعلى الدولة كذلك؛ فمن هو المسؤول؟.. للحديث بقية