لا يمكن لأي دولة في العالم أن تسمح لحكومات أجنبية، أن تبني تنظيمات سياسية شبكات نفوذ داخل أنظمتها، ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تسمح باختراق مؤسساتها الرسمية بحيث يتم تصنيف الوزارات والمؤسسات طبقاً للأيديولوجيات، وليس طبقاً للمهام والمسؤوليات الموكلة إليها.التغلغل السياسي والاختراقات التنظيمية وبناء شبكات النفوذ السياسي، هي جانب رئيس من المعاناة التي عانت منها الدولة البحرينية منذ مطلع ثمانينات القرن العشرين على الأقل، إن لم يكن أقدم من ذلك بقليل.هذه الظاهرة ليست بجديدة، وتم التطرق إليها كثيراً، وأشبعت نقاشاً من كتّاب الرأي والسياسيين، وحتى البرلمانيين، وبعض المسؤولين الحكوميين، ولكن لم يتم بحثها بشكل جدي من أجل معالجتها نهائياً، أو ضمان عدم تكرارها مستقبلاً.أوجه التغلغل السياسي تشمل السيطرة على المناصب التنفيذية العليا، والسيطرة على أوسع شريحة من الوظائف الدنيا لصالح أيديولوجياً معينة.أما الاختراقات السياسية وبناء شبكات النفوذ، فإنها تتم من خلال ثلاث آليات، وتشمل: التدريب والتعليم، والتمويل، ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وتكوين ارتباطات خارجية لها.أسباب التغلغل والاختراقات السياسية وبناء شبكات النفوذ متعددة، ولكنها بشكل رئيس تشمل، وجود أجندة سياسية من أجل تكوين الدولة الموازية والتي تتيح شل مؤسسات الدولة في أي وقت، وتسييسها لأغراض دون الأغراض التي أنشأت من أجلها في الأساس. بالإضافة إلى غياب الرؤية الواضحة في كيفية التعامل مع البرامج التدريبية الخارجية التي يستفيد منها الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني، فالسياسة الحكومية بشأن هذا التعامل خضعت لتحولات سريعة ولا أعتقد أنها كانت مدروسة بشكل دقيق، لذلك أوان التصحيح قد حان. أيضاً لا توجد الأنظمة الرقابية الفعّالة والمتابعة لكافة الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني من أجل ضمان عدم تجاوز القانون، وضمان عدم بروز الاختراقات والتغلغل السياسي.درس كبير مرّ على الدولة البحرينية، ولابد من إعادة النظر في هذه المعضلة، وتحديد أبعادها وتداعياتها ونتائجها، واتخاذ سلسلة من الإجراءات الفعالة التي تضمن وجود الدولة الموازية، والدولة داخل الدولة، وإنهاء تغلغل كافة الجماعات ذات الأيديولوجيات المتنوعة داخل مؤسسات الدولة، وقطع الارتباطات المشبوهة بين مؤسسات المجتمع المدني البحرينية والشخصيات المنخرطة فيها نهائياً.هذه الإجراءات بحاجة لشجاعة كبيرة، وخطوات حاسمة لا تقبل التأخير، لأن ما قادنا إلى حركة التغيير السياسية داخل الدولة مازال قائماً، واستمراره يمكن أن يؤدي إلى حركة مماثلة الآن أو لاحقاً أو حتى مستقبلاً.
Opinion
التغلغل والاختراقات وبناء شبكات النفوذ
22 يونيو 2014