بعد المجالس البلدية ووزارة شؤون البلديات فإن التقييم لابد أن يشمل عضو المجلس البلدي نفسه باعتباره العقل المفكر واليد التي تبني والشخص الذي يدير العمل البلدي، وأنه بدون توفر الكفاءة والخبرة والمؤهل لدى العضو البلدي فإن هذا العمل يتعثر أو يأتي ضعيفاً ولا يتناسب والأهداف والمسؤوليات التي حددها قانون البلديات...وإذا كان هناك من نقد يوجه لأداء المجالس البلدية فهذا النقد يوجه في الوقت نفسه لرؤساء وأعضاء المجالس البلدية، فأداء هؤلاء الأعضاء هو انعكاس لما يملكون من قدرات وخبرة وثقافة بمتطلبات العمل البلدي، ذلك أن البلدية لم تعد كما كانت في الماضي اهتمامها مجرد بالنظافة ومتابعة إزالة القمامة من الأحياء، وإنما أصبحت لها اختصاصات كثيرة تفصلها «اختصاصات المجلس البلدي» الواردة في قانون البلديات لعام 2001 والتي تزيد عن 24 اختصاصاً ترقى إلى مستوى الحكم المحلي. غير أن التناقض في قانون البلديات يتمثل في تفصيله وتأكيده على هذه الاختصاصات من ناحية وعلى عدم اشتراط إلمام عضو المجلس البلدي بهذه الاختصاصات ولا حتى بعضها وذلك عندما يتحدث القانون في مادة أخرى عن مواصفات عضو المجلس البلدي المحددة في السن والجنسية وتمتعه بحقوقه المدينة، دون أي إشارة للمؤهل أو الإلمام بمتطلبات العمل البلدي، وهي مواصفات جعلت أي شخص يترشح لعضوية المجلس البلدي، فالهدف ليس البروز في الأداء وتقديم الأفكار والمشروعات ولكن- بالنسبة للأغلبية- هو الحصول على المكافأة المالية وملحقاتها. على عكس ما كان يحدث بالنسبة للمجالس البلدية في العشرينيات وحتى توقفت في أوائل السبعينيات، فقد كان المجلس البلدي نصفه منتخب والنصف الآخر معين، وكلاهما لا يتقاضى مكافأة، بل إن من شروط من ينتخب ويعين ألا يكون موظفاً أي غير محتاج مادياً وبالتالي كان أعضاء المجالس من العائلات التجارية العريقة، وفي نهاية الدورة الانتخابية يجري تقييم أداء الأعضاء ولا يعاد ترشيح أو تعيين العضو إلا إذا قدم اقتراحات ومشروعات تخدم العمل البلدي والمجتمع، وبما يعني أن عضو المجلس البلدي متطوع يمتلك الكفاءة والمعرفة بالعمل البلدي واحتياجات المجتمع أنه يضحي من أجل تحقيق أهدافه وأنه يعطي ولا يأخذ شيئاً.. أما أعضاء المجالس البلدية في وقتتنا الحالي فهم يتهافتون على تبديد المال بسفراتهم التي لا تنقطع وإلى شتى البلدان لحضور دورات أو القيام بزيارات تدريبية من فرنسا إلى ألمانيا إلى التشيك ووزارة شؤون البلديات تشجعهم على السفر وتبديد مئات الآلاف من الدنانير ما دامت هذه الأموال مقتطعة من الصندوق البلدي المشترك الذي تصرف منه الوزارة أيضاً وما في أحد أحسن من أحد.