لا يوجد أجمل من أن يقدم لك في هذا الصيف طبق بطيخ بارد «البطيخ هنا هو اليح أو الجح بالعامية البحرينية، ونحن نقول عن البطيخ الأصفر أنه بطيخ، وعن الأحمر أنه يح أو جح» فهذا أفضل طبق يقدم في شهر أغسطس أو الشهور التي تسبقه.والبطيخ أنواع؛ منه الأسطواني «وأغلبه يأتي من المملكة العربية السعودية» ومنه الدائري المخطط وهو يأتي من عدة دول، فهو يزرع في دول الشام والأردن ولبنان ومصر، غير أن اليابانيون زرعوا بطيخاً مربعاً، حتى لا تتدحرج البطيخة، وحتى يسهل نقلها وتخزينها «واحنا للحين مو عارفين نزرع جرجير»..!و«اليح أو الجح» منها الأحمر الغامق والذي غالباً ما يكون طعمه سكراً «مثل طعم جمهوري وقرائي» ومنه الفاتح والذي تقل نسبة السكر فيه، ومنه الذي يأتي أبيض، وهذا من غير طعم ولا لون، وهو يشبه بعض البشر..!و«اليح» أيضاً هو مثل الحظ، فحظك أحياناً يكون سعيداً «ببطيخة» حمرة وتكون سكراً، غالباً ما تكون «راهية» حتى إنك لا تسطيع أن تجد لها مكاناً في الثلاجة بسبب حجمها، إلا أن الحجم الكبير لا يعني بالضرورة أن البطيخة ستكون حمراء وسكراً.يعرف البطيخ الجيد من الصوت، فحين تضربها بكفك، إما أن يخرج صوتاً حاداً وقوياً، وإما أنها تشبه رنة الطارة التي لم «تحمَّ»، فأحياناً تجد بطيخة كبيرة ولونها يكون زاهياً، لكن صوت الضربة من غير رنة وضعيف، وهذا يعني أن بها ضربات كثيرة جراء النقل أو أنها قديمة، فقد تكون حمراء، لكنها قديمة وبها ضربات كثيرة، فتقول لك الزوجة حين تشتري واحدة منها: ما هذه البطيخة.. شكلها طلعت «بطيخة»..!هذه الحياة مثل سوق البطيخ، فيها الصغير لكنه نافع، وفيها الكبير لكنه لا لون، ولا طعم، ولا رائحة، شكل كبير، ومن الداخل خاوٍ، فقد يزاحمك في أخذ النفس من الجو.للبطيخ فوائد كثيرة، فهو يسهل الهضم، ويزود الجسم بالأملاح والسوائل، ويدر البول أجلكم الله، وبعض خبراء الأعشاب والطب النبوي يقولون إن له تأثيراً على الطاقة الجنسية، كما إن «القرف» له فوائد أكثر من اللب الأحمر.هناك بطيخة جميلة ولونها فاقع، لكن ما أن تفتحها حتى تقول في نفسك «والله أغراني الشكل.. ظنيتها حمرة وحلوة» وهذا ليس في البطيخ وحسب، فقد يصيبنا ذلك الشعور في كثير من أمور الحياة، نغتر بالمظهر والشكل، ونحدد اختياراتنا على ذلك، ولكن نصاب بخيبة أمل..!لا أحد يتعلم بالمجان، دروس الحياة تحتاج إلى عقل وحكمة وخبرات متراكمة، وألا نجعل الشكل أو المظهر والعاطفة أهم سبب في اختياراتنا..!في زمن الكوليرا أو إيبولا أو كرونا، من الأفضل أن نكتب عن سوق البطيخ، حياتنا أحياناً تصبح «بطيخة»..!
Opinion
سوق البطيخ..!!
18 أغسطس 2014