عندما يحضر أي شخص عرضاً في السينما؛ تلزم إدارة السينما الجمهور بإغلاق الهواتف النقالة وعدم الكلام أثناء العرض، وعندما يذهب أي فرد منا لاستقبال أو السلام على كبار الشخصيات لابد علينا أن نلتزم بملابس رسمية تليق بهذه المناسبة، وعندما نستقبل ضيوفاً في منازلنا يجب أن نلتزم أيضاً ببعض الإتكيت لاستقبال الضيف والسلام عليه ونستعد بلوازم الضيافة، والتي بالطبع تعكس للضيوف اهتمامنا بهم ومدى حرصنا على إبراز مظاهر الكرم والضيافة العربية. كل ذلك ما هو إلا انطباع جميل على احترامنا للمكان والزمان واحترامنا للمحيطين بنا سواء كانوا من المقربين أو ممن تربطنا معهم صلة بسيطة. فماذا لو زارنا ضيف عزيز على المسلمين أجمعين؟ زائر خفيف لا يمكث طويلاً، يحمل في كل زيارة لنا الخير الكثير والبركة والأجر العظيم. ماذا لو زارنا شهر رمضان الكريم، فماذا أعددنا له وكيف نستقبله ونحترم أيامه ولياليه، وماذا سيقول عنا بعد رحيله؟المجتمع البحريني في السابق، كان مجتمعاً متحفظاً جداً، وخصوصاً في جزئية العادات والتقاليد وكل ما يتعلق بالدين وشهر رمضان الكريم وكيفية استقباله. وبعد أن أصبحت البحرين محل أنظار العالم ومع توافد العمالة العربية والأجنبية، اختلطت العادات والتقاليد، حتى أصبح البحريني يتأثر بما حوله وأحياناً يفرض بعض الوافدين عاداتهم وتقاليدهم على المواطن البحريني، فيتهاون البعض في عادات أهل البحرين وتقاليدهم، ما قد يمس بثوابتنا التي حرص أجدادنا بأن يزرعوها فينا منذ الصغر خشية هذا اليوم الذي يمتزج فيه كل شيء حتى الهوية البحرينية العربية الإسلامية مع الهويات الأخرى، ونخشى بعدها أن تختفي فيها هويتنا كشعب بحريني صارع الموج في يوم من الأيام وبنى أمجاد الوطن بكل حب، ووقف في وجه الطوفان أمام العدوان في 2011.أن نساير العلم ونواكب التطور ونتزود بالتكنولوجيا ونطمح بأن نكون في مصاف الدول المتقدمة شيء جميل، ونسعى بأن نرتقي بالبحرين وترتقي البحرين بنا دائماً، ولكن أن يكون ذلك على حساب ديننا فلن نرضاه ولن يرضاه لنا أيضاً من هم تحت التراب. فشهر رمضان له مكانته وهيبته في نفوس المسلمين، وله حق علينا ليس كضيف فقط وإنما كركن أساسي لديننا الحنيف، فاستقبال رمضان والاستعداد له ليس بتحضير قوائم من الأكل والشرب أو ترتيب الغبقات أو تجهيز الجلابيات. استقبال رمضان يكون باحترامه واحترام الصائمين وأن نصد الأيدي الدخيلة علينا التي تحاول أن تلوث ديننا أو أن تنتشل فينا غيرتنا لهذا الشهر الفضيل.عندما كنا صغاراً، أهلنا كانوا يخوفوننا بالشرطي إذا أردنا أن نأكل في الشارع، كانوا يغرسون فينا هيبة هذا الشهر وتميزه عن بقية الشهور، واليوم نشاهد الأجنبي يأكل في نهار رمضان ولا نستطيع ردعه. بعض الجهات تجبر المطاعم أن تغلق في النهار، لكنها تدع بعض الأسواق تحضر الأطعمة وتبيعها نهاراً جهاراً، نشاهد بعض العربيات والأجنبيات في لباس شبه عارٍ في نهار رمضان في الأسواق، خصوصاً البائعات، ونخاف أن نتكلم حتى لا يردوا علينا باسم حقوق الإنسان أو باسم الحرية الشخصية، ولو تكلم شهر رمضان عن الحقوق والحريات لفتح ملفات لا تحصى من التجاوزات والمخالفات في هذا الشهر الكريم. وزارة العدل والشؤون الإسلامية معنية بهذا الأمر، وعليها أن تحزم وتعاقب وتصر على الاحتفاظ بهيبة رمضان، لا أن تترك القارب لكل من يريد أن يشوه صيامنا باسم الحرية والانفتاح والعصرية. أيام معدودة ويهل علينا رمضان فلنكن أول من يحترم قدومه، ونستعد له بألا نخدش صيامنا أو صيام غيرنا، جعلنا الله وإياكم ممن استقبل رمضان وودعه بما يليق بمقامه العظيم، وكل رمضان وأنتم بخير.