التأهب في اللغة يعني الاستعداد، تأهب للأمر أي استعد له وأعد له عدته، تأهب للمعركة استعد لها فهو في حالة استعداد لتنفيذ الأمر. أما التأهب في قاموس «المعارضة» البحرينية فتعني «بروفة» وبالشعبي «تصخين». ما يحدث هو الآتي، يتم اختيار مناسبة معينة للخروج في مظاهرة، يحدد لها يوم قريب أو بعيد، في الزمن الفاصل بينهم وبين ذلك اليوم يخرجون في مظاهرات صغيرة يومية في مناطق مختلفة تحت عنوان التأهب والاستعداد لتلك المظاهرة.هذه المظاهرات تنتهي غالباً بمواجهات مع رجال الأمن الذين يسعون إلى ضبط الأمور ومنع انفلاتها كي لا يتضرر الآخرون وانتصاراً للقانون الذي استباحه ويستبيحه المتظاهرون. أما ما ينتج عن كل هذا من أخبار فيزودون به الجهاز الإعلامي التابع لهم والذي «يتفنن» في نشرها وبثها ويظهر عمليات الفوضى على أنها حق صادرته الحكومة، مستفيداً من الصور التي تم التقاطها أو تركيبها بطريقة تخدم أهدافهم وتلبي المعايير المعتمدة لدى المنظمات الحقوقية، والتي هي من الأساس متعاطفة معهم ومؤازرة.مثال على ذلك كمية المظاهرات التي خرجت في العديد من المناطق في الأيام التي سبقت المظاهرة التي اتفق على الخروج فيها يوم الجمعة الماضية، استجابة لدعوة قديمة للإمام الخميني، الذي ارتأى أن تسير المظاهرات تضامناً مع فلسطين في آخر جمعة من شهر رمضان من كل عام. حيث انتهت تلك المظاهرات الصغيرة والمتناثرة بمواجهات مع رجال الأمن، وتم خلالها إشعال النيران في إطارات السيارات واختطاف الشوارع حتى في نهار رمضان، غير مبالين إن كان الدخان يجرح صيام الناس أو يؤذيهم.هذا يعني أن عنوان «التأهب» ليس إلا حجة لافتعال أعمال الفوضى والتخريب، لأنه من غير المعقول عمل «بروفة» لمظاهرة سيتم الخروج فيها بعد زمن يطول أو يقصر، خاصة بعد كل هذه «الخبرة» التي تم اكتسابها في السنوات الأخيرة، والتي لم يتوقف فيها التعبير عن كل شيء بكل الطرق والوسائل تحت ذريعة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.الواضح أيضاً أن النية مبيتة على عدم السماح للأمور كي تهدأ، حيث يبدو أن الهدوء ليس في صالحهم ولعله يفشل خططهم، وبما أن البلاد مقبلة على فترة يؤمل منها الخروج من الأزمة لذا فإن المتوقع أن يتم في الشهور الثلاثة المقبلة التي تسبق الانتخابات تحديد مجموعة من المناسبات يسبقها العديد من «البروفات» استعداداً وتأهباً!نحن إذاً أمام «معارضة» تفتعل الأحداث كي لا يتوقف حراكها الميداني وكي لا يفتر الصبية الذين يتم استغلالهم أبشع استغلال، حيث يتم شحنهم ورميهم في الشارع كي يكونوا سبباً في استمرار حالة اللاستقرار المنشودة.بعد قليل سيتم تحديد اليوم الذي يريدون أن تحتفل فيه البحرين بعيدها الوطني للخروج في مظاهرة بدل السادس عشر من ديسمبر، وسيتم «التأهب» لها عبر عمل بروفة تتمثل في تنفيذ مجموعة من المظاهرات، ثم سيتم تحديد أيام أخرى يمهد لها بـ»التأهب» بعدد من المظاهرات يتم تسييرها ليلاً ونهاراً في القرى، وهكذا، حيث المهم هو عدم التوقف كي لا «يبرد» الشباب المغلوب على أمره والذي هو الوقود والحجارة.مسؤولية وطنية كبرى تقع على عاتق الجمعيات السياسية التي يفترض أن تكون قادرة على مواجهة أولئك البعيدين عن العمل السياسي كي يكون لها دور في الخروج من هذه الأزمة، وذلك بمنع أعضائها ومناصريها من المشاركة في تلك المظاهرات معدومة المنفعة وبالسعي إلى إقناع حديثي النعمة السياسية بأن ما يقومون به إنما يضر المجتمع والوطن ولا يوصل إلى مفيد.هدوء قليل من شأنه أن يتيح فرصة للعقل كي يتحرك وينتج ما يؤمل منه. التأهب للهدوء هو المطلوب في هذه الفترة.