لا أعتقد أن هناك اليوم عربياً، بل وإنساناً على وجه الأرض يرى ما يحدث في غزة ويهتم بأي موضوع آخر مهما بلغ شأنه من الناحيتين السياسية والاقتصادية، فما يحدث في غزة من عدوان صهيوني غاشم هو كارثة إنسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ وأبعاد.العدوان الإسرائيلي ليس ضد حركة حماس ولا أية حركة مقاومة أخرى كما تدعي إسرائيل وتروج له الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية، ولكنه ضد الشعب الفلسطيني، ضد حياة ووجود هذا الشعب الصامد المقاوم الرافض للخنوع والركوع والاستسلام، وعدوان إسرائيل هو من أجل خنق هذا الشعب والقضاء على مقاومته للاحتلال وعلى كل أسلحة المقاومة وأساليبها.العدوان الإسرائيلي هو من أجل تثبيت واقع مزيف يقول إن إسرائيل دولة معتدى عليها من قبل الفلسطينيين الإرهابيين وأنه من حقها أن تدافع عن وجودها وعن شعبها، وأن هذا الحق -المؤيد بقوة وبدون حدود من قبل الولايات المتحدة- يبيح لها حرمان الشعب الفلسطيني من الحياة بكل مظاهرها ومجالاتها، وإلى حد القتل الجماعي الشامل للمدنيين والنساء والأطفال والشيوخ، من أولئك الذين لا يحملون السلاح ولا حتى يخرجون إلى الشوارع. الإبادة الإسرائيلية تقتل الإنسان القابع في بيته والمحتمي بالمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، فلا مكان للإنسان الفلسطيني أن يلجأ إليه حتى لو كان تابعاً للوكالة الدولية لغوث اللاجئين «الأونروا» وتحت مظلة وعلم الأمم المتحدة، فالهدف هو الإبادة، الموت، الدمار، تحطيم كل متطلبات الحياة، ومستلزمات العيش الإنساني، وما وجدناه حتى الآن من نتائج لهذا العدوان وما نتوقع أن نراه في الأيام القادمة ما هو إلا تجسيد لهدف الإبادة الجماعية لشعب من قبل دولة مصطنعة احتلت أرضه على مدى 66 عاماً. ما يحدث في غزة هي جريمة بحق الإنسانية، وهي كارثة بحق الشعب الفلسطيني خسائرها البشرية بالآلاف، وخسائرها المادية بمئات البلايين من الدولارات، الأرواح التي زهقت لن تعوض، والدمار الذي لحق بالمساكن والبنية التحتية والممتلكات ومحطة الكهرباء الوحيدة بالقطاع لا يمكن تصوره، لكنها تبقى تضحيات لابد منها في سبيل الحرية وإزالة الحصار عن غزة وكل أراضي ومناطق فلسطين.