العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني والمركز على غزة هذه الأيام يتطلب التصدي له بأكبر من المظاهرات وأكثر من التبرعات، يتطلب منا كشعوب عربية وكأمة عربية أن نوحد مشاعرنا وموقفنا، وأن نذكي ونشعل هذه المشاعر والمواقف بصورة عملية وليست نظرية كما هو الحال حتى يومنا هذا. فالمواقف العربية حتى الآن تتراوح بين الشجب والإدانة ووصف ما يجرى بأنه جريمة حرب وإبادة جماعية، وبين الوقوف على الحياد والعمل بين الطرفين «الفلسطيني والإسرائيلي» بغرض الوصول إلى التهدئة والهدنة المؤقتة والدائمة ومن ثم رعاية المفاوضات بين الجانبين في حضور ومباركة الولايات المتحدة وهي الأخرى طرف منحاز حتى العظم إلى جانب إسرائيل. العدوان الإسرائيلي على غزة وعلى فلسطين بصفة عامة عدوان مسلح وقائم على استخدام شتى أنواع القمع من أجل تكريس سلطة الاحتلال، وبالتالي فإن العرب الذين طالما تنادوا فلسطين هي قضية الأمة العربية الأولى، وأن إسرائيل دولة الاحتلال هي عدوة الأمة العربية، عليهم- العرب- أن يجسدوا اعتقادهم وقولهم هذا على أرض الواقع، وذلك باستعمال شتى الوسائل في مجابهة العدو الصهيوني بما فيها القوة المسلحة.فالدول العربية تجمع كلها على أن فلسطين أرض عربية محتلة من قبل الصهاينة منذ 66 عاماً، وأن دولة الاحتلال تصر على أنها صاحبة الحق في القدس وكل أراضي فلسطين وتعمل على قضم المزيد من الأراضي وإقامة المستوطنات وتهجير السكان الفلسطينيين، وفي ظل فشل الحل السياسي ما قبل وبعد أوسلو فلا مناص من الحل المماثل والمجابه للحل الإسرائيلي. وهذا لا يمكن أن يتحقق من خلال مواقف متفرقة للدول العربية ومنافسة بينها على كسب ود أمريكا وبالتالي التسليم لها بتقديم الدعم اللامحدود لإسرائيل، وإنما يتحقق من خلال تطبيق اتفاقية الدفاع العربي المشترك، واعتبار فلسطين دولة عربية محتلة تحتاج لنجدة أشقائها العرب. فالدول العربية وعلى مدى 60 عاماً تشتري كميات من أحدث أنواع الأسلحة، بل إنها تعد من أكثر الدول في العالم شراء للسلاح ومن ثم العمل على تحديثه بعد أن يصبح قديماً أو يصدأ في المخازن، وطوال هذه السنوات يتساءل المواطن العربي الذي يعاني من الفقر والبطالة والأزمات المعيشية والإسكانية وتعاني بلدانه من تراكم الديون وعجوزات الميزانية، يتساءل لماذا تكدس بلداننا هذه الأسلحة وضد من يفترض أن تستعمل هذه الأسلحة إذا لم تستخدم ضد العدو، وأي عدو للعرب جميعاً غير إسرائيل، التي تعمل مع أمريكا على تفريق وتمزيق التلاحم العربي.