بعد الطفرة الأخيرة الكبيرة في وسائل الإعلام الحديث وتطور وسائل التواصل الاجتماعي بين البشر وعبر القارات؛ أصبحت القنوات التلفزيونية التقليدية في خطر، خصوصاً القنوات الرسمية العربية منها، إذ يبدو أنها مصرة على الجمود وعدم الرغبة الصادقة في التطور، حتى كأن بعضها يعيش خارج العصر.في ظل هذا التطور الهائل الذي تشهده الساحة الإعلامية العالمية، سواء على مستوى القفزات الضخمة التي تنتهجها القنوات الفضائية الخاصة أو من خلال امتلاك الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها المميزة، بات الحديث عن مشاهدة قناة رسمية عربية نكتة سمجة، وهذه ليست معلومة جديدة نطرحها هنا؛ بل هو الواقع كما نراه ونتلمسه، إنه أمر محزن.يجب أن تلتفت القنوات التلفزيونية العربية إلى طبيعة هذا العصر وإلى طبيعة هذا الجيل «الفيس بوكي» الذي لا يرتضي بسقوفات منخفضة للرأي وحرية التعبير وإشباع روح الكلمة، وذلك عبر التطوير المستمر لكافة القنوات والفضائيات العربية المملة والرتيبة، فالذي نشاهده اليوم عبر قنواتنا الرسمية لا يعدو في كونها أشياء لا ترتقي حتى في أن تكون إعلاماً فاعلاً في مجتمعات متحركة وغير ثابتة، فالقنوات التي لا يمكنها مجاراة التطورات الهائلة للمجتمعات البشرية عليها أن تتيقن أن لا أحد من الجمهور يشاهدها.يكفي ما تعيشه القنوات الرسمية من غيبوبة واضحة وغياب كبير عن المشهد العام في الوطن العربي، وهو ما تمثل في تغطياتها الباردة لأحداث العرب، وعلى وجه التحديد ما يجري في فلسطين المحتلة. ليس هذا وحسب؛ بل يبدو أن غيابها طال كل الجوانب المتعلقة بالشأن الداخلي أيضاً لتلك الدول، مما قلص عدد المشاهدين للقنوات التلفزيونية الرسمية بصورة كبيرة جداً، وهذا ما حدا ببعض القنوات العربية أن تفكر جيداً وتسعى لتطوير نفسها بطريقة خجولة، لكنها لم تستطع في النهاية منافسة الفضائيات الخاصة أو حتى مع بعض المغردين المشهورين في الوطن العربي، مما يعني دخول هذه القنوات في مأزق خطير للغاية، قد يشكل لها هذا الجمود عزلة تامة عن كل المشاهدين العرب.من الضروري للدول العربية إذا ما أرادت النهوض بقنواتها التلفزيونية أن تقوم بتطوير شبكاتها الإعلامية ودخول المنافسة الشرسة مع بقية الفضائيات الأخرى، ومع سائر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، كما عليها الاهتمام بشؤون الفرد العربي والمجتمعات العربية، وخلق فضاءات مميزة للتعبير عن الرأي، وطرح قضايا وهموم العرب بطريقة نقدية وعلمية ترقى لمستوى المتابعة والاهتمام.لعل هناك اليوم أكثر من دراسة في هذا المجال تعني بتطوير الإعلام العربي عموماً، والإعلام الرسمي خصوصاً، لعل من أبرزها الدراسة التي أعدها الباحث في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الأغواط بالجزائر محمد الفاتح حمدي، يجب أن يلتفت إليها القائمون على تطوير وسائل الإعلام العربي الرسمي منه وغير الرسمي، قبل أن يهرب بقية المتابعين لها إلى وسائل أقل كلفة وأكثر تشوقاً وانفتاحاً، كما من الضروري تبني الحكومات العربية استراتيجيات إعلامية حديثة ومتنوعة حتى تستطيع الدخول لكل البيوت العربية، ولا نريد أن نقول لكل العالم، هذا هو القدر المتيقن وكفى.