أمامنا مشهدان اليوم؛ مشهد لعبة شد الحبل بين لجنة التحقيق البرلمانية في الحضانات من جهة وبين وزارة التنمية الاجتماعية من جهة أخرى، الوزارة تكذب أو تنفي، واللجنة تؤكد وتصر.. وهكذا. غير أن لجنة التحقيق كانت جيدة إلى حد أنها كشفت أموراً كثيرة ونأمل أن تصحح أوضاعاً خاطئة قد تتسبب في مصائب للأسر وأطفالهم، حين يتم مثلاً نسيان طفل في روضة، أو يتعرض للضرب، أو ممارسة أية أعمال منافية للتربية والأخلاق داخل الحضانات تجاه الأطفال.غير أن ما ورد في حيثيات تقرير لجنة التحقيق يعتبر مخيفاً من جهة ومحبطاً من جهة أخرى، المخيف هو أن هناك حالة اعتداء على عرض طفل (اغتصاب) من قبل حارس روضة بالتواطؤ مع آسيوية، وكانت النتيجة أنه حكم على الحارس بـ15 عاماً، وهنا نعود إلى الأحكام التي لا تستقيم مع الجرم، فاغتصاب الأطفال تقابله عقوبة الإعدام في الشرائع السماوية وفي القوانين أيضاً، غير أن الأمر مخيف للناس أن يحدث ذلك في الحضانات.أيضاً قالت وزارة التنمية الاجتماعية إن لا صلاحيات لديها لإلغاء التراخيص غير المفعلة، وإذا كان هذا موجوداً فعلاً؛ أليس هذا إخلال في العملية برمتها، ويجب أن تصحح هذه الأمور، سواءً من قبل الوزارة أو من قبل التشريع القانوني، حتى نخرج من موضوع الحاضنات غير المفعلة؟ليكن معلوماً لدى وزارة التنمية أن تحقيق السلامة والإشراف وتطبيق القانون أهم لدينا من أن تبرأ ساحة وزارة ما، المجتمع لدينا أهم، وقضايا الناس أهم من أن نقول معلومات «تبرد» الرأي العام.المشهد الثاني كان بين وزارة التربية والتعليم وبين النائب محمود المحمود، الوزارة تتهم المحمود أنه يترصد لها، والنائب فعل ما يجب أن يفعل من حيث التصريحات فقط كونه عضو مجلس النواب (مما تسبب بردة فعل منزعجة من التربية) وكانت التصريحات الخاصة باعتداء مجموعة على عرض طفل، وأعتقد أن ما قاله النائب صحيح، وأن الوزارة لا تملك إلا أن تشخصن الموضوع أمام الرأي العام حتى تظهر أنها مستهدفة..!من ضمن ما جاء في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في الحضانات، جاءت فقرة خطيرة تتعلق بوزارة التربية والتعليم، وهي القطاع الأهم والأخبر والإلزامي في التعليم، فقد جاء في تقرير اللجنة ما يلي: «وخلصت اللجنة (لجنة التحقيق في الحضانات) عقب اجتماعها برئيسة وحدة حماية الطفل بمستشفى السلمانية د.فضيلة المحروس إلى أن وزارة التربية والتعليم تتستر على كثير من الحالات الواردة إليها بخصوص الاعتداء على الأطفال، خلافاً للقانون الذي ينص على وجوب الإبلاغ عن الحالات وتحويلها لمركز حماية الطفل، وقالت المحروس إن هناك حالات قليلة تحال إلى لجنة حماية الطفل تتعلق بسوء المعاملة، لافتة إلى أن مدير المدرسة عندما يبلغ عن حالات الاعتداء يتعرض للتوبيخ من قبل وزارة التربية، وهذا يخالف القانون، وأن معظم الحالات ليست سلوكية، وإنما أخلاقية من قبل طالب على آخر، أو مدرس على طالب»...!!هذه الفقرة وردت في تقرير لجنة التحقيق وليست من عند كاتب السطور، وليست من عند النائب المحمود الذي تقولون إنه يستهدف الوزارة..!من هنا فإني وجدت في تقرير الحضانات ما هو مخيف (في المدارس) أكثر مما شكلت له اللجنة من أجل الحضانات.فالكلام للدكتورة فضيلة المحروس حيث قالت إن ما يتم في وزارة التربية من التستر على حالات الاعتداء الأخلاقية يخالف القانون، وأن الوزارة توبخ مدراء المدارس الذين يبلغون لجنة حماية الطفل عن الاعتداءات الأخلاقية.والسؤال هنا؛ هل وزارة التربية تريد معالجة الموضوع علمياً أم تريد أن تتستر عليه من أجل أن تقول للرأي العام (كما هي في حالات النفي المزمنة) لا يوجد بالمدارس أي اعتداءات أخلاقية؟ فقد نفت الوزارة سابقاً وجود المتشبهات بالأولاد، رغم أن هناك مدارس بعينها معروفة بهذه الأمور، فالنفي لن يزيل الأمور من الواقع.يبدو أن هناك ضعفاً في السيطرة على المدارس من الناحية العلمية والتحصيل ومستوى المدارس، ومن الناحية الأخلاقية، وبالتالي تحدث أمور كثيرة في المدارس ويتم التستر عليها خوفاً من الصحافة، ومن مجلس النواب، وبالتالي توبيخ من المسؤولين بالدولة.كشف حالات الاعتداءات الأخلاقية ليس للتشهير بأصحابها، هذا لا يريده أحد، إنما نريد المكاشفة، ووضع الحلول، ومعاقبة من يفعل ذلك من الطلبة أو المدرسين أو العاملين بالمدارس بالقانون، هذا هو الذي يريده الناس، فلماذا التستر على حالات الاعتداءات، والله لا نعلم..؟ هل من أجل أن تصوروا لنا أن المدارس في جو مثالي لا شبيه له؟لا أعرف هل مجلس النواب سيتوقف عند هذه الفقرة، أم ستمر عليه مرور الكرام..؟!