غالباً ما نقرأ حرص المسؤولين، نواباً ووزراء، على الالتقاء بالمواطنين والاستماع لشكواهم ومشكلاتهم والسعي نحو حلها أو توصيلها لأصحاب الشأن، ونقرأ كثيراً أيضاً «اتساع صدرهم» للنقد الهادف والبناء. هذا ما نقرؤه ونشاهده في التلفاز، لكن عندما يتعلق الأمر بالواقع الملموس فإن العكس هو الصحيح للغالبية منهم.عبارة «سعادة الوزير في اجتماع» هي العبارة الأشهر التي تجيد السكرتيرات ترديدها بكل ثقة، أما النواب فعبارات الاعتذار تكثر قليلاً؛ «النائب مسافر أو في جلسة لإحدى اللجان»، نحن لسنا ضد تلك الأعذار فهي طبيعية، ولكن أن تزيد عن حدها وتكون يومية وفي كل ساعة حتى بعد الدوام الرسمي، فهذا أمر مبالغ فيه، كأنما يجد الوزير أو النائب في ذلك عذراً لعدم لقاء المواطنين ومن لديه مشكلة، فيكون بذلك السبب في المشكلة بدل أن يكون صاحب حلها.نحن في بلد يتمتع بديمقراطية حكيمة أرساها جلالة الملك، إلى جانب المتابعات المستمرة من سمو رئيس الوزراء لكافة قضايا المواطنين والوطن والاستماع لآرائهم، سواء في مجلسه العامر أو من خلال زياراته الميدانية، كما حدث عند زيارة سموه لسوق المحرق بعد الحريق الذي شب مؤخراً، ومن قبلها زياراته لسوق المنامة القديم وبيت التجار ومجمع السيتي سنتر والسوق الشعبي، وغيرها من الزيارات التي انعكست بالإيجاب على أرض الواقع، فضلاً عن استقبال سمو ولي العهد لجموع المواطنين وحرصه على التواصل معهم وزياراته إلى الإجهزة الحكومية والهيئات.وبالحديث عن سمو رئيس الوزراء؛ فهو يحث دائماً خلال اجتماعات مجلس الوزراء على وجوب تعاون الوزراء مع الصحافة إيجابياً في كل ما يهم المواطنين، وأن يكون اللقاء المباشر بالمواطنين وحل شكاواهم، وأن يكون هذا التوجه حاضراً دائماً في برنامج عمل الوزراء والمسؤولين، إلا أن كثيراً من المعنيين يطبق مقولة «اسمع ولا تفعل».هناك وزراء يعادون صحفاً معينة أو كتاباً أو صحافيين بحجة أنه تم انتقاد شيء واقعي، ويصدرون رداً طويلاً على أي كاتب أو صحافي كتب شيئاً فيه من الصحة، ولكن حجه الوزير أن ذلك يؤثر عليه، بل إن هناك عدداً من الوزراء حين يكونون في مؤتمر أو منتدى يقومون بـ«تطنيش الصحافة». من جانب آخر نرى أن بعض الوزراء يتقاذفون المسؤوليات حال حدوث الكوارث، كما حدث عند اندلاع الحرائق في السوق الشعبي وسوق المحرق، كذلك فوضى وتكاثر العمالة السائبة التي تتقاذفها الجهات ذات العلاقة.لكن حين تحقق أية جهة رسمية إنجازاً معيناً حتى لو كان بسيطاً، فإن بعض الوزراء «يهرولون» للصحافة»، رغم أن هذا الإنجاز هو للبحرين، لكن يشعرك بعض الوزراء أنه إنجاز شخصي، فلولا سعادته ما تحقق ذلك وكأنه يمن على الوطن، كذلك الحال بالنسبة للنواب، خاصة ما يتعلق بالمقترحات التي تتم الموافقة عليها، لست ضد أن يتفخر الوزير أو النائب بإنجاز تحقق في عهده أو في فترة تمثيله للشعب، لكن في المقابل عليهم تقبل انتقاد الإعلام عند التقصير وعدم التهرب من الصحافيين.رغبــــات المواطنيــــن أو الصحافييــــن للالتقــــاء بالمسؤولين ليست لـ«شرب الشاي» في مكاتبهم الفخمة، لكن من أجل بعض المشكلات التي قد تواجه طلباتهم الخدمية، أو محاولة إيجاد حلول لبعض الشروط التعجيزية التي قد تضعها الوزارات حتى يستحق المواطن أن يحصل على خدمة منها، بغية تحقيق العيش الكريم والحياة الهانئة.على ذكر الشروط «التعجيزية» فلا مانع من إعادة ذكر بعضها؛ فمثلاً وزارة الإسكان لديها شروط بدل السكن الذي يستحقه المواطن بعد خمس سنوات من زواجه وراتبه مع الزوجة يجب ألا يتعدى 900 دينار. السؤال الموجه لوزارة الإسكان؛ لماذا بعد 5 سنوات؟ أتمنى من الوزارة أن توضح أعداد المستفيدين من بدل السكن منذ تطبيقه مقارنة بأعداد المتزوجين غير المنتفعين منها في نفس الفترة، أما منفعة المواطن من الوحدة السكنية صعبة جداً لأنه يشترط ألا يتجاوز دخل الأسرة 900 دينار، والمواطن طبعاً لا يفضل شقة تمليك، وبالتالي فإن الحاجة الوحيدة التي يستفيد منها الموطن من الإسكان هو القرض الإسكاني الذي لا يتجاوز 60 ألف ديناراً في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات.وبخصوص علاوة الغلاء وما ينشر من نقد بخصوص معايير العلاوة التي يجب أن تستحدث، خاصة في ظل ضخ ميزانيات كبيرة. أما شروط بدل التعطل فأحقية المواطن في استحقاقها عليها شروط فيها من «الغرابة» الشيء الكثير، حدثني أحد الجامعيين بأنه ذهب للوزارة للحصول على بدل التعطل، فما كان جواب الموظف بعد أخذ المعلومات اللازمة إلا أن قال له: «إنك غير مستحق بحجة أن والدك متوفى ونصيبك من راتبه 140 ديناراً وسنعطيك 10 دنانير كل شهر على أساس تكملة مبلغ التعطل المخصص للجامعي 150 ديناراً».يا للعجب على كل تلك القرارات والشروط «المستحيلة»، كم مجموع المبالغ التي تم استقطاعها من وراتب المواطنين؟ لا نريد إحصائية لأنها ستصدم المواطن. كل ما ذكرته سالفاً مبني على شروط لا تخدم المواطنين بتاتاً، وهي بحاجة إلى تصحيح وإعادة النظر فيها، نتمنى من سمو رئيس الوزراء الموقر التدخل والنظر في هذه المسائل بقراراته الحكيمة.أما بعض الإخوة النواب فقليل منهم من يتقبل النقد ويسعى لخدمة عموم الناس، فازوا بمعقدهم بسبب تصويت الشعب ولخدمة الشعب، والحقيقة أن كثيراً منهم نسوا الشعب وتطرقوا لمصالح شخصية، فلا قرارات أفرحت المواطن، وفشلوا في تحدي زيادة رواتب الموظفين الذي عادوا لطرحه من جديد، والسبب واضح. فقد قاربت فترة نهاية الدورة النيابية الحالية، وكانت مساهماتهم في إصلاح قوانين وشروط بعض الخدمات معدومة أو ضعيفة، والجميع أصبح يتذمر من أطروحاتهم ومن نقاشاتهم، فتارة يتحدثون عن الإرهاب وكأنهم استغلوا الأزمة لـ«الفكة» من النظر لحوائج المواطنين، وتارة أخرى يشيدون بالوزارة الفلانية والجهة الفلانية من أجل مصالح خاصة. اسالوا أنفسكم ماذا قدمتم للمواطن؟ وفكروا بعقلانية بالجواب، حينها يمكن أن تدركوا أنكم لم ولن تعملوا شيئاً بحق هؤلاء الذين أوصلوكم إلى هذا المكان، ونسيتم أنكم قريباً ستلجؤون للمواطنين لضمان عودتكم إلى المقعد البرلماني والتمتع على حساب المواطن لسنوات أخرى. السؤال الأهم؛ متى سيدرك بعض الوزراء والنواب أن اختيارهم في مناصبهم جاء لخدمة الشعب والوقوف على مصالحة والسعي لتحقيقها، ولم يكن اختيارهم من أجل زيادة عدد «بشوتهم».- مسج إعلامي..تأكيد سمو رئيس الوزراء خلال لقائه مؤخراً مع رئيس وأعضاء جمعية الصحافيين بقوله: «إن دوركم كبير وصوتكم مسموع فلا تترددوا في قول الحق».. تلك كلمات يجب أن يتعلم منها الكثير.نقول للوزراء؛ حينما تقابلون القيادة الرشيدة والتي جل اهتمامها منصب على المواطنين اعكسوا واقع الناس ولا تتحدثوا عن فوائض بميزانية علاوة الغلاء وبدل التعطل وغيرها، لأن شروطكم أوجدت هذه الفوائض رغم حاجة المواطن، وللوزراء والنواب اخدموا الناس قدر الإمكان وتكاتفوا لرفعة المواطن الذي يستحق كل التقدير، ونتمنى في القريب العاجل أن نسمع أخباراً طيبة ينتظرها الجميع بفارغ الصبر دون شروط أو استثناءات.
Opinion
عندما يكون الوزير أو النائب هو سبب المشكلات!
17 يونيو 2014