من المعروف أننا كشعب عربي نتميز بأننا شعب قدري؛ أي أننا لا نقوم بوضع خطط واستراتيجيات لحياتنا المستقبلية بل تكون بنوداً عامة، لكن كما يقول المثل «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فالجهل العقيم للكثيرين بأهمية الدور البارز الذي يقوم به التخطيط وكيف يشغل حيزاً كبيراً في كل مفصلة من مفصلات حياتنا كان سبباً لاندلاع العديد من الدورات التدريبية في المنطقة العربية بأهمية الوقت والتخطيط وكيف نفكر لغد مشرق، ومثل هذه الدورات المستوردة من الغرب، علماً أن التخطيط لا يتنافى في أن نكون أشخاصاً مسلمين للقدر حلوه ومره، وهو أحد بنود العقيدة الإسلامية. والتخطيط مذكور صراحة في القرآن الكريم بسورة يوسف «قَالَ تزْرَعونَ سبعُ سنينَ دَأَباً فما حصدتمْ فذَرُوهُ في سنبلهِ إِلا قليلاً مما تأْكلونَ - ثمَّ يأْتي من بعدِ ذلكَ سبعٌ شدَادٌ يأْكلنَ ما قدَّمتمْ لهنَّ إِلا قليلاً مما تحصنونَ - ثمَّ يأْتي من بعدِ ذلكَ عامٌ فيهِ يغاثُ الناسُ وَفيهِ يعصرُونَ»، فهذه الآيات الكريمة تبين المعنى الحقيقي للتخطيط. لذلك فأول ما تبدأ الإجازة الصيفية تلوح لنا من بعيد علماً أن تاريخها لا يتغير، فهي دائماً تأتي بنفس التوقيت، ولكن ما عاد من العجيب أن ترى الناس مهمومين متأففين، لا يعلمون ماذا يفعلون، باعتبار أن ليس للجميع القدرة على نفقات السفر فيرددون ويقولون: «وين نروح؟!»، ليكتشفوا بعد البحث والتدقيق أن المراكز الشبابية والثقافية لأبنائهم هي البديل ولكن سرعان ما ينصدمون، إما أن الأماكن أصبحت بمنتسبيها مكتملة أو أماكن أخرى أسعارها ضاربة. لذلك نحن أمام مفترق طريق، وهنا أعذروا صراحتي التي ممكن أن يعتبرها البعض جارحة إلا أنها واقعاً وليس افتراء.فالجهات الحكومية ومنها المعسكر الصيفي المتميز الذي تقوم به وزارة الداخلية وكذلك برامج وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية والمؤسسة العامة للشباب التي تتميز بالبرامج الهادفة ورسوم الاشتراك بها عادلة جداً ولن تستوعب كل المتقدمين، في حين أن المراكز الراقية للأسف رسوم الاشتراك بها غير ميسورة للكثيرين، فقط لأن هذا المركز يمشي على معايير عالية الجودة من ناحية المعرفة والتطبيق والمدربين وهم من دول أجنبية ومستحقاتهم الشهرية كبيرة، لذلك فمن المنطقي والبديهي أن تكون رسوم الاشتراك في البرامج الثقافية -وإن كانت بدائية- عالية جداً. وإن قبلت بالمعادلة النسبية التي تفرض نفسها؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه بشكل أقوى «ما المانع أن أحصل على مركز حكومي أجد الموظفين به لديهم نفس الكفاءة التي تتمتع بها المراكز الخاصة والمكان نظيف مرتب ولائق بأبنائي؟».الجواب للأسف أننا لا نقدر الموارد المتاحة لدينا ولا نعلم كيف ننتفع بها بالشكل الذي يليق بها، فهي بنظرنا ناقصة الأهلية، مع العلم أننا نتعامل مع المراكز الخاصة بكل حذر ووعي واهتمام ورقي، كيف «لا» وهذا المكان سوف يضيف إلى المكانة الاجتماعية لدي، وعندما يرى المركز المحلي أن الطلب متزايد على المنتج الأجنبي فيقوم هو الآخر بمجاراة الغريب وتبدأ أسعاره بالانفلات وتصل حد الخيال، لذلك فالمراكز الخاصة على يقين أنها لو ضاعفت الأسعار 3 و4 مرات فسوف يبقى الطلب عليها يزيد طالما أن البديل لا يوفي حق السائلين.