بعد مصادقة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه على قانوني المرور 23 و24 لسنة 2014، أصبح واقع حال بعد أن كثر اللغط حوله، خصوصاً فقرة حرمان المقيم من حق مكتسب من الحصول على رخصة القيادة، حيث تجلت فيه حكمة عاهل البلاد رعاه الله وبصيرته الثاقبة وحسمت الخلاف بإقرار ذلك الحق ليكون علامة مضيئة في مسيرة المملكة المتميزة في احترام حقوق الإنسان والذود عنها.وحكمة أخرى تجلت في ذلك القرار هي المدة المريحة في تطبيقه؛ حيث يصبح واجب التنفيذ بعد مرور ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، إن هذا المتسع من الوقت يفسح المجال لتهيئة الأرضية المناسبة للالتزام به، حيث لو تم إلزام المرور والمواطنين بتطبيقه من تاريخ نشره لأحدث إرباكاً وبلبلة لا يسلم منها الكثير.فكما يقال بأن الغاية تبرر الوسيلة، فالحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم غاية عظيمة ترخص أمامها كل التضحيات.فالغرامات المرتفعة والعقوبات المغلظة غايتها ردع شريحة كبيرة من الشباب الذين استمرؤوا المخالفات لأسباب عدة، ربما أهمها هو تواضع مبالغ الغرامات ولين وخفة العقوبات، مما جعلنا نسمع يومياً بوقوع أحداث مؤسفة يذهب ضحيتها أولاً المخالف نفسه ومن قدر عليه الأجل دون سبب سوى أجله المحتوم. إن المهلة المريحة المشفعة بالقرار أعلاه يجب أن يتم توظيفها لإنجاح القرار والتزام كافة شرائح المجتمع به، ولا يتم ذلك إلا بتعاون الجميع وبوضع خطط وخطوات ومناهج ومفاهيم ربما في هرمها ما نقترحه في أدناه:-1 إبراز دور الإعلام في تثقيف الناس ورسم صورة جديدة عن المرور وأثره البالغ في تنظيم ورقي حياة الناس، بدءاً من طلاب الجامعات ومنتسبي دوائر الدولة ومروراً بالجمعيات والهيئات المختلفة، ودور رجال الدين في زرع الوازع الديني في الالتزام بقوانين البلد حفاظاً على السلامة العامة، مع تولي إدارة المرور العامة بإصدار النشرات والكتيبات والبرامج التلفزيونية الدورية، مع العمل على تحديث العلامات المرورية الإرشادية والتحذيرية بما يتلاءم وفقرات القرار.-2 توجيه شركات النقل بضرورة تنشيط وتطوير هذا القطاع المفصلي والاستفادة من الدول والشركات العالمية الرائدة في هذا المجال للنهوض بهذا القطاع الحيوي، وفتح آفاق استثمارية فيه، مع إعادة رسم خطوط الانطلاق والوصول لكل شبر ينبض بالحياة، حيث لوحظ أن هذا القطاع تراجع كثيراً عن مواكبة التوسعة العمرانية المتسارعة في المملكة العزيزة.-3 تشجيع الوزارات والهيئات المختلف بتفعيل نقل موظفيها من وإلى أماكن عملهم، وإلزامهم بذلك قدر المستطاع، وتوفير السيولة النقدية لها باستحداث أو تطوير النقل الجماعي وآلياته، وكل ذلك سيصب في مصلحة الجميع في تخفيف الزخم المروري، خاصة في ساعات الذروة، والتقليل من الخط البياني للحوادث اليومية وتجنب الوقوع في مخالفات أصبحت غرامات بعض منها تقضي على جل راتب الموظف وتتركه يعاني الكبد باقي شهره، وربما تضطره تلك المخالفة للزج في غيابة السجن، مما ينعكس سلباً على أدائه ويحرم المجتمع من نشاطه، كذلك الأثر النفسي البالغ وحرمان من يعيلهم من مصدر معيشتهم.لكل الأسباب الواردة أعلاه، والكثير تم اختزالها لتفادي تملل القارئ الكريم من المتابعة، أقول مازال في الوقت متسع لإنجاح هذا القرار وتجنب الوقوع في أي من مخالفاته.لكن إن انقضت هذه الفترة دون تعاون وتكاتف الجميع في وضع البرامج التثقيفية والخطط العملية، وأهمها على الإطلاق تطوير النقل الجماعي، فلا أظن أن بيتاً أو مؤسسة ستسلم من الوقوع في المخالفة التي ستلتهم على أقل تقدير ربع موردهم أو تغيب أحد أفرادهم وراء القضبان. ألا هل بلغت اللهم فاشهد..