بالأمس طرحت سؤالاً يتعلق بمن «يفبرك» أولاً؛ هل واشنطن تبدأ الفبركة ضد البحرين أم الجماعات الراديكالية هي التي تسبق هذه الولايات المتحدة في الفبركة؟لنتحدث عن المعلومات غير الدقيقة «المفبركة» التي نشرتها واشنطن الشهر الماضي في أحد وثائقها الرسمية من خلال وزارة خارجيتها بشأن نسبة البطالة في البحرين وما أسمته بـ «تزايد بطالة الشباب في القرى الشيعية»، وهي نسبة غريبة للغاية، خاصة وأن إحصائيات البطالة في المملكة لا تحتسب مناطقياً بهذا الشكل، أو حتى على صعيد مكونات المجتمع وطوائفه ومذاهبه!التقارير والوثائق الرسمية التي تصدرها واشنطن حول الدول يتم صياغتها بآليات معينة، تبدأ عادة من السفارات الأمريكية حول العالم، وتكون الصياغات النهائية لدى المعنيين بهذه الدول في ديوان الخارجية الأمريكية. مما يعني أن واشنطن عندما أصدرت دليلاً خاصاً بالاستثمار في البحرين وتضمن معلومات مغلوطة حول نسبة البطالة في المملكة، كان هناك دور كبير للسفارة الأمريكية بالمنامة، والتي يفترض منها العمل بشكل احترافي واستقاء المعلومات بشكل دقيق من مصادرها المختلفة سواءً كانت رسمية أو غير رسمية. ولكن من الواضح أن السفارة الأمريكية في العاصمة البحرينية كان دورها سلبياً، فهي لم تقدم المعلومات الدقيقة حول البطالة للنشر في الوثيقة الرسمية التي أصدرها مكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية بوزارة الخارجية الأمريكية، ولا يبدو أنها مهتمة لتصحيح أي معلومات مغلوطة قد تنشر في الولايات المتحدة بشأن البحرين كجزء من المهمة لـ «تعزيز العلاقات الثنائية» ضمن «التحالف الاستراتيجي التاريخي».من الناحية النظرية يفترض أن تكون سفارة واشنطن بالمنامة هي التي قدمت المعلومات المغلوطة إلى مكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية في العاصمة الأمريكية، وهناك تمت صياغة التقرير بشكله النهائي المنشور اليوم. فماذا حدث بعد ذلك؟ نشرت صحيفة الوسط خبراً يوم الأحد الموافق 3 أغسطس الجاري بعنوان «الخارجية الأميركية نقلاً عن UNDP: معدل البطالة الحقيقي في البحرين من 15 إلى 20%)، وبالأمس أبدينا وجهة نظرنا في عدم دقة هذا الرقم. بعدها تم تناقل الخبر عبر شبكات التواصل الاجتماعي من ناشطين إلكترونيين بحرينيين. وخلال ساعات قليلة نشرت جمعية الوفاق خبراً في موقعها الإلكتروني عنوانه «الوفاق: البطالة في البحرين 20% والنظام ينشر معلومات مغلوطة»، وذكر الخبر أن «البحرين في تراجع دائم بسبب السياسات المتخلفة للسلطة».خبر الوفاق لم يكن مختلفاً في مضمونه عن الخبر المنشور في صحيفة الوسط، بل كان مختلفاً نوعاً ما في شكله وصياغته، وتضمن أيضاً موقف الجمعية من المعلومات التي أوردها مكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية في الخارجية الأمريكية.النتيجة أن الأمريكان شككوا في معلومات الحكومة البحرينية بشأن نسبة البطالة، ونقلوا معلومات غريبة ومفبركة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وبعدها نقلت الوسط هذا التشكيك، ليبدأ الجهاز الإعلامي للوفاق بنشر التشكيك في النسبة المعلنة من الحكومة حول نسبة البطالة، وينشغل سريعاً جمهور الوفاق والرأي العام البحريني بقضية الأرقام الخاطئة التي تنشرها الحكومة حول نسبة البطالة في المملكة. هذه الآلية ليست بجديدة، بل معمول بها منذ فترة من أجل إشغال الرأي العام بمغالطات، ومن ثم التشكيك في مصداقية الحكومة في أسلوب لا يقوم على المعارضة السياسية، بل يقوم على الكذب السياسي المكشوف.
Opinion
الفبركة من البحرين إلى واشنطن
07 أغسطس 2014