على مدى 12 عاماً من عمر المجالس البلدية عانت المجالس كثيراً من إسفين وزارة شؤون البلديات التي تحولت من مجرد مراسل أو موصل بين هذه المجالس ومجلس الوزراء تنقل له قراراتها وتأخذ منه توصياته أو ملاحظاته بخصوص توزيع إيرادات الصندوق المشترك بين البلديات الخمس، تحولت إلى مهيمن ومدير ومقرر للعمل البلدي وتنفيذ المشروعات وواضع يد على إيرادات البلديات ومتحكم في صرفها في غير المجالات المخصصة لها. على مدى هذه السنوات اشتكت المجالس البلدية جميعها ودون استثناء من تصرفات وتجاوزات الوزارة ومن إعاقتها لعمل المجالس، خاطبت المجالس مجلس الوزراء عدة مرات، ولما يئس بعضها من حتى الحصول على جواب عمدوا إلى تعليق اجتماعاتهم وأخذوا يناشدون المسؤولين بالتدخل لتحديد العلاقة مع الوزارة أو بالأحرى إعادتها إلى وضعها الصحيح دون جدوى، بل أن السلبية التي قوبلت بها شكاوى ومناشدات المجالس البلدية المتكررة ساهمت وأدت إلى إضعاف العمل البلدي وتعزيز نظرة الوزارات والجهات الحكومية له بأنه بالفعل «حداد بلا فحم» وفي أحايين كثيرة لا يرتقي إلى مستوى حداد. ومن جانبه ومن خلال تقاريره انتقد ديوان الرقابة المالية والادارية أداء المجالس البلدية، مركزاً نقده على مصروفات هذه المجالس حيث اتهمها بالصرف على مجالات ليست من اختصاصها وتقديم مبالغ مالية لجهات بعيدة كل البعد عن العمل البلدي. ومع أن ديوان الرقابة كان على حق في نقده لأداء المجالس البلدية إلا أن المعروف هو أن هذه المجالس لا تصرف ما لديها من إيرادات وأموال بصورة مباشرة، وإنما يتم ذلك من خلال الأجهزة التنفيذية بالبلديات، وهي الأجهزة التابعة إدارياً لوزارة شؤون البلديات ولا تصرف أي مبلغ إلا بعلم وموافقة الوزارة، فإذا أراد مجلس بلدي أن يصرف مبلغاً من المال في غير مكانه واختصاصه فإن الجهاز التنفيذي يستطيع إيقاف هذا الصرف بدعم وموافقة وزارة شؤون البلديات. وبناء على ما تقدم فإنه من واجب الحكومة أن تقيم أداء ومصروفات وإنجازات وأوضاع المجالس البلدية من أجل الوصول إلى إزالة العقبات التي تعيق عملها، وتقليل مصروفاتها والاستفادة من إيراداتها في تحقيق المزيد من المشاريع والإنجازات البلدية والارتقاء بها إلى مستوى الحكم المحلي، لكن هذا التقييم لا يجب أن يكون من خلال وزارة شؤون البلديات والمسؤولين فيها بل يجب أن يشمل هذا التقييم الوزارة ذاتها باعتبارها إسفيناً دق في جسم وصلاحيات وأداء المجالس البلدية.